عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 09-11-2011, 09:03 PM
الصورة الرمزية ♬тsωα 3чôŋεε .•♥̸̨
يا رب ارجو رضاك ورحمتك
 
رقـم العضويــة: 54446
تاريخ التسجيل: Jul 2010
الجنس:
المشـــاركـات: 2,697
نقـــاط الخبـرة: 29
افتراضي سلسلة قواعد قرآنية "القاعدة الأولى"{وَقُولُوا للنَّاسِ حُسناً}

{ وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْناً }


هي قاعدة من القواعد المُهمة في باب التعامل بين الناس ، وهي قوله تعالى : { وَقُولُوالِلنَّاسِ حُسْناً } .. البقرة : من الآية 83 .
إنها قاعدة تكرر ذكرها في القرآن في أكثر من موضع إما صراحة أو ضمنا :
فمن المواضع التي توافق هذا اللفظ تقريباً : قوله تعالى : {وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ}الإسراء : من الآية53
وقريب من ذلك أمره سبحانه بمُجادلة أهل الكتاب بالتي هي أحسن ، فقال سبحانه :
{وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ} العنكبوت/ 46.
أما التي تُوافقها من جهة المعنى فكثيرة كما سنشير إلى بعضها بعد قليل .

إذا تأملنا قوله تعالى : {وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْناً} جاءت في سياق أمر بني إسرائيل بجملة منالأوامر وهي في سورة مدنية ـ وهي سورة البقرة ـ
و قبل ذلك في سورة مكية ـ وهي سورة الإسراء ـ: أمراً عاماً {وقل لعبادي يقولوا التي هي
أحسن}.. إذاً فنحن أمام أوامرمُحكمة ، ولا يستثنى منها شيء إلا في حال مجادلة
أهل الكتاب ـ كما سبق ـ.ومن اللطائف مع هذه الآية {وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْناً} أن هناك قراءة
أخرى سبعية لحمزة والكسائي : {وَقُولُوا لِلنَّاسِ حَسَناً } ..
قال أهل العلم : (والقول الحَسن يشمل : الحسن في هيئته ؛ وفي معناه ، ففي هيئته : أن يكون
باللطف ، واللين ، وعدم الغِلظة ، والشِدة ،وفي معناه : بأن يكون خيراً ؛
لأن كل قولٍ حسنٍ فهو خير ؛ وكل قول خير فهو حسن) .



يُنظر في: {تفسير العثيمين 3/196}.

وقد أحسن أحمد الكيواني حيث قال :
من يغرس الإحسان يجنِ محبة *** دون المسيء المبعد المصروم

أقل العثار تفز ، ولا تحسد ، ولا *** تحقد ، فليس المرء بالمعصوم

إننا نحتاج إلى هذه القاعدة بكثرة ، خاصةً وأننا ـ في حياتنا ـ نتعامل مع أصناف مختلفة
من البشر ، فيهم المسلم وفيهم الكافر ، وفيهم الصالح والطالح ، وفيهم الصغير والكبير ،
بل ونحتاجها للتعامل مع أخص الناس بنا : الوالدان ، والزوج والزوجة والأولاد ، بل
ونحتاجها للتعامل بها مع من تحت أيدينا من الخدم ومن في حكمهم .
وأنت ـ أيها المؤمن ـ إذا تأملتَ القرآن ، ألفيت أحوالاً نص عليها القرآن كتطبيق عملي لهذه القاعدة ، فمثلاً :

1 ـ تأمل قول الله تعالى ـ عن الوالدين : {وَلا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلاً كَرِيماً} الإسراء : من الآية23]
إنه أمرٌ بعدم النهر ، وهو مُتضمن للأمر بضده ، وهو الأمر بالقول الكريم ، الذي لا تعنيف فيه ، ولا تقريع ولا توبيخ

2 ـ وكذلك ـ أيضاً ـ فيما يخص مُخاطبة السائل المحتاج : {وَأَمَّا السَّائِلَ فَلا تَنْهَرْ} ..
[الضحى :10] بل بعض العلماء يرى عمومها في كل سائل : سواء كان سائلاً للمال أوللعلم
قال بعض العلماء : "أي : فلا تزجره ولكن تفضل علي بشيء ؛ أو رُده بقول جميل"



ينظر : {تفسير الألوسي 23/15}.

3ـ ومن التطبيقات العملية لهذه القاعدة القرآنية ، ما أثنى الله به على عباد الرحمن ،
بقوله : {وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلاماً} ،،، [الفرقان : من الآية63]
يقول ابن جرير ـ رحمه الله ـ في بيان معنى هذه الآية : "وإذا خاطبهم الجاهلون بالله بما
يكرهونه من القول ، أجابوهم بالمعروف من القول ، والسداد من الخطاب".


يُنظر: {تفسير الطبري 19/ 295}.

وهم يقولون ذلك "لا عن ضعف ولكن عن ترفع ؛ ولا عن عجز إنما عن استعلاء ، وعن صيانة
للوقت والجهد أن ينفقا فيما لا يليق بالرجل الكريم المشغول عن المُهاترة بما هو أهم وأكرم وأرفع" ..




يُنظرفي : {الظلال 5/330}.

ومن المُؤسف أن يرى الإنسان كثرة الخرق والتجاوز لهذه القاعدة في واقع أمة القرآن ، وذلك في أحوال كثيرة منها :

1 ـ أنك ترى من يدعون إلى النصرانية يحرصون على تطبيق هذه القاعدة ، من أجل
كسب الناس إلى دينهم المنسوخ بالإسلام ، أفليس أهلُ الإسلام أحق بتطبيق هذه القاعدة ،
من أجل كسب الخلق إلى هذا الدين العظيم الذي ارتضاه الله لعباده .

2 ـ في التعامل مع الوالدين .

3 ـ في تعامل الزوج مع زوجه .

4 ـ مع الأولاد .

5 ـ مع العمالة و الخدم .

وقد نبهت آية الإسراء إلى خطورة ترك تطبيق هذه القاعدة ، فقال سبحانه : {إِنَّ الشَّيْطَانَ
يَنْزَغُ بَيْنَهُمْ} ،،، الإسراء : من الآية53 ..وعلى من اُبتلي بسماع ما يكره أن يحاول أن
يحتمل أذى من سمع ، ويعفو ويصفح ، وأن يقول خيراً ، وأن يُقابل السفه بالحلم ،
والقولَ البذيء بالحسن ، وإلا فإن السفه والرد بالقول الردئ يُحسنه كل أحد .
وهذه واقعة لأحد دهاقنة العلم وهو الإمام مالك رحمه الله مع الشاعر الذي قضى عليه
بحكم لم يرق له ، فتهدده بالهجاء ،
فقال له مالك :

( إنما وصفتَ نفسك بالسفه والدناءة ، وهما اللذان لا يعجز عنهما أي أحد ، فإن استطعت
أن تأتي الذي تنقطع دونه الرقاب فافعل : الكرم والمروءة ! ) .


انظر :{ترتيب المدارك 1/59.}


وما أجمل قول المتنبي :

وكل امرئ يُولي الجميل مُحبب *** وكل مكان ينُبت العز طيب




من محاضرات الدكتور : عمر المقبل حفظه الله




لتحميل المحاضرة الصوتية








والى هنا ينتهي الموضوع آمالين اللقاء بكم مرة اخرى بإذن المولى تعالى بقاعدة جديدة
من القواعد القرآنية .

ولا أسألكم سوى الدعاء لي ولـ والدي ولجميع المسلمين والمسلمات بالمغفرة والرحمة
ودمتم سالمييييين