عرض مشاركة واحدة
قديم 07-07-2012, 01:25 PM   #11
Cosmic
 
الصورة الرمزية S.Arsène
رقـم العضويــة: 110841
تاريخ التسجيل: Feb 2012
الجنس:
المشـــاركـات: 240
نقـــاط الخبـرة: 67

افتراضي رد: حكم عرض مسلسل ( عمر )

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ...

بداية علينا وضع عدة نقاط على الحروف قبل أن أقول رأيي الشخصي في المسلسل ،


تمتلك وسائل الإعلام من خلال ما تبثه القدرة على تغيير نظرة الناس إلى الحياة وإلى العالم من حولهم، من خلال تغيير مواقفهم تجاه الأشخاص والقضايا، فيتغير بالتالي، حكمهم عليها، وموقفهم منها، فمثلاً: حينما تمطرنا وسائل الإعلام الغربية بعشرات المواضيع الإعلامية، المقروءة، والمسموعة.


تغيير المواقف والاتجاهات، لا يقتصر على الموقف من الأفراد والقضايا، بل يشمل القيم وبعض أنماط السلوك..


في عملية تغير الموقف والاتجاه سواء على مستوى الأشخاص والقضايا أو على مستوى القيم والسلوك، يبقى الإعلام عاملاً مؤثراً ورئيساً في عملية التحول تلك، فمن خلال الرسائل الإعلامية (المعلومات) الصحيحة، أو المشبوهة، أو حتى المكذوبة، التي تقدمها وسائل الإعلام يشكل الفرد من الجمهور موقفه، إن الإنسان أياً كان لا بد أن يكون له حكمه الخاص على كل ما يصادفه في بيئته، من أفراد أو قضايا أو سلوك، هذا الحكم تشكل لديه على أساس من المعلومات المتوفرة لديه، ألسنا في طفولتنا نحكم على الأشياء (صواب أو خطأ) من خلال (المعلومات) التي يوفرها لنا والدانا؟


وهنا يرتكز على علم نفس الجماهير ومدى قدرتها وتحفيز مشاعرها وآرائها بالشكلين السلبي والإيجابي في مختلف المجالات الفكرية والفنية والسياسية والاقتصادية والدينية حتى ، مخلفة مجموعة من الترسبات الفكرية وزراعة التوجهات والقيم والأنماط السلوكية والنفسية والأخلاقية ...


أولا علينا الحديث حول علاقة الدين والفن ، الدين عادة ما يعبر عن الخلود والخير المطلق والتفكر والتأمل ، والأخلاق تؤكد على مفهوم الخير والحرية النسبية المحددة للإنسان ،والفن الراقي عادة ما يركز على العديد من الأمور التي تهتم بأخلاق الناس وتوجيههم لمحبة الجمال والمعارف الجمالية ..


الفن بحد ذاته ليس محرما في الأديان ، في الأصل وفي الدلائل الكثير من ذلك ، فالفن حتى القرآن الكريم قد قسمه إلى قسمين ، فن راقي وفن هابط ...


دعونا نتأمل الآية الكريمة ... ( والشعراء يتبعهم الغاوون ( 224 ) ألم تر أنهم في كل واد يهيمون ( 225 ) وأنهم يقولون ما لا يفعلون ( 226 ) إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وذكروا الله كثيرا وانتصروا من بعد ما ظلموا وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون ( 227 ) ) سورة الشعراء ... صدق الله العظيم ..


هنا نرى تفسيرا واضحا وتقسيما للفن من الهابط وإلى الراقي ، فهنا نرى أن القرآن الكريم لم يرفض القرآن الكريم بكامله ولا الفن كذلك في أية آية صريحة من آياته ، كما رأينا كان واضحا وجود ميزان واضح وضوابط محددة للفن في الدين الإسلامي ...


ولكن المصيبة والأدهى والأمر هو ظهور ظاهرة المتطرفين الدينيين الذين لم يتركوا شيئا إلا وحرموه بدون دليل نقلي أو عقلي أو حتى منطقي ، فحرموا الفن والسينما والمسلسلات بالإجمال ولم يتبقى لهم سوى تكفير متابعها بشكل مستفز جدا يدل على عقلية متحجرة بعيدة كل البعد عن الإسلام الوسطي !


جميعنا يعلم أن رسولنا عليه الصلاة والسلام استمع لشعر الخنساء واستحسنه ، وهو نوع من أنواع الفنون ، وكذلك الطراز المعماري والتطور الفني الكبير في تصميم البنايات والساحات وخصوصا لنا في تاريخ الأندلس الشيء الكثير والغزير حتى مع التواشيح التي كانت تقام هناك أيضا ... فكيف يأتي أصحابنا اليوم ليحرموا بتطرف وانغلاق على العصر كله ؟


في الموسيقى هناك السيمفونيات الراقية الزارعة للهدوء والخيالات البريئة البعيدة كل البعد عن ما نراه في البرونوجرافات الفاحشة الحالية ، وهناك أغاني الصخب والإنحطاط الفاضح الواضح الصريح من غنج ودلع ورقص وانحراف واضح ... وهناك مسرحيات الدراما والمواعظ والحكمة والأخلاق والفكر الراقي حتى في النكتة ، وهناك المسرحيات المنحطة الساقطة التي ما هي إلا مجرد تمجيد للخلاعة والمجون ، ونفس القاعدة تسير على العديد من الأفلام والمسلسلات .... وكذلك القصص والروايات الأدبية ، فمنها مثيرة الغرائز ومنها مثيرة المشاعر والفكر والخلق ...


يا جماعة الفن موجود حتى في خلق الله ، نظرة بسيطة لجناح فراشة نجد نقوشا وزينة مبهرة تدل على خالق عظيم مبدع ... والإنسان ما يقوم به ليس سوى محاولة إنعكاس نور من الملكوت عليه ، فيبدع ويكتب ويغني ...


حسنا ، أظن الأمر هنا كاف للحديث عنه ، ولننتقل لنقطة الحديث حول الموضوع ...


المسلسلات التاريخية التي جسدت الشخصيات الإسلامية أثارت ضجة متكررة وفتاوى وتكفيرات ومغالطات صريحة وواضحة في الحديث حول هذا الموضوع ...


يداية نعرف جميعنا ما تزخر به شاشاتنا العربية من المسلسلات ذات السيناريوهات المتكررة والتي تضع فكرة الحب والجنس والظلم والقهر والدراما المنسوخة مرارا وتكرارا بدون تجديد أو محاولة إبداع ، ومع ذلك نرى الملايين من المتابعين لها المتأثرين ( حتى وإن لم يشعروا ) بتأثير هذه المسلسلات على عقلية الأفراد والمجتمعات ...


فكانت بعض أفكار المسلسلات في تصوير الصحابة أو القادة الإسلاميين في قصصهم نوعا من ضرب الخيال والتي صدر حولها لغط كبير وشائع واختلفت توجهات العلماء فيه والنقاد والكتاب ،


بداية هناك بعض النقاط التي يجب التنبه لها .


1/ صلاحية شخصيات الممثلين الأخلاقية :


بعض الممثلين رغم كونهم بارعين جدا في إيصال الدور وسلامة لغتهم الفصيحة نجد أن هناك مجموعة من المشاهد في مسلسلات سابقة زرعت فكرة عن هذا الممثل ، وهذا ما قد يعرض البعض لوضع الصحابي في ذلك التصور ، مع أني غير مقتنع بهذا الشيء في الواقع ... وربما كان ذلك من باب أكثر قوة وحجة وهو رفعة مكانة الصحابي ... في نفوس المسلمين .


تقريبا انتقاء الممثلين مهم جدا في مثل هذه الأمور ..


2/ الأخطاء التاريخية والنصية الفادحة :


وهذه الأخطاء مما قد يشوه بشكل أو بآخر عملية إيصال الحقيقة التاريخية إلى شريحة كبيرة جدا من الناس ، وربما لها دور في تكذيب - حذف - تزوير - تغيير العديد من المجريات الحقيقة بما قد يضر سلبا بعقليات المشاهد ومدى تمسكهم بعقيدتهم ومحبة الصحابة ..


فهنا من الواجب وبل الضروري المراجعة والتأكد من كل معلومة قد تعرض في مثل هذه المسلسلات خصوصا كونها تغطي شخصيات حساسة أسهمت وبشكل كبير في تغيير الكرة الأرضية والتاريخ أيضا ...


3/ إنحطاط القنوات والمنتجين أو المترجمين وعدم المهنية :


وذلك في تصوير هذه المسلسلات في أوضاع شهوانية من الجواري والنساء وجعلها وكأنها حكاية ألف ليلة وليلة حديثة .. ... تماما كما حصل في مسلسلات عديدة من بينها مسلسل حريم السلطان .. أو القرن العظيم كما كان يسمى بالتركية وفي الدول الأوروبية حتى التي عرض فيها هذا المسلسل ..


هناك نقطة مهمة في هذه المسلسلات ، وهي وجود فن إسلامي قادر على المنافسة والأخذ والإعطاء بشكل يجذب المشاهد ولا ينفره ، بل يحفزه على المتابعة ، وهذا للأسف غير متوفر بتلك القوة التي تجعله فنا قائما ، ربما بسبب بعض فتاوى مشايخ الغفلة الغير موثوقين والمعروفين حتى بتحريمهم للتصوير في البطاقات الشخصية أو البوكيمون ! أو حتى للمس الخيار والجزر كما في بعض الفتاوى مع الأسف الشديد التي تظهر لنا الإسلام بشكل همجي وكأننا بدائيين من القرون الحجرية الأولى ..


نقطة مهمة وهي أن أدلة التحريم على ما أظن شخصيا هي أدلة ظنية وليس مؤكدة أو صريحة في الواقع ، علينا بداية أن نحسن الظن في حالة عرض مثل هذه المسلسلات وتصحيح بعض أخطائها وقصورها ، خصوصا كونها مسلسلات عالية الجودة والعرض والأداء تعرض جوانب أخلاقية ودينية


مؤيد لهذه المسلسلات فنحن بحاجة لبذرة أولى نقية لإعلام إسلامي وفن إسلامي يقارغ القصص المقرفة التي اعتدنا عليها ، لكن بضوابط وشروط.
S.Arsène غير متواجد حالياً