الموضوع: جيل لن يتكرر
عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 10-17-2008, 10:07 PM
الصورة الرمزية محب الإسلام  
رقـم العضويــة: 674
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشـــاركـات: 590
نقـــاط الخبـرة: 12
افتراضي جيل لن يتكرر

أتى شابّان إلى الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه وكان في المجلس وهما يقودان رجلاً من البادية فأوقفوه أمامه ‏قال عمر: ما هذا> ‏قالوا : يا أمير المؤمنين ، هذا قتل أبانا> ‏قال: أقتلت أباهم ؟> ‏قال: نعم قتلته !> ‏قال : كيف قتلتَه ؟> ‏قال : دخل بجمله في أرضي ، فزجرته ، فلم ينزجر، فأرسلت عليه ‏حجراً> ، وقع على رأسه فمات...> ‏قال عمر : القصاص .... ‏الإعدام> > .. قرار لم يكتب ... وحكم سديد لا يحتاج مناقشة ، لم يسأل عمر عن> أسرة هذا الرجل ، هل هو من قبيلة شريفة ؟ هل هو من أسرة قوية ؟> ‏ما مركزه في المجتمع ؟ كل هذا لا يهم عمر - رضي الله عنه - لأنه لا> ‏يحابي ‏أحداً في دين الله ، ولا يجامل أحدا ًعلى حساب شرع الله ،> ولو كان ‏ابنه ‏القاتل ، لاقتص منه ..> > ‏قال الرجل : يا أمير المؤمنين : أسألك بالذي قامت به> السماوات والأرض ‏أن تتركني ليلة ، لأذهب إلى زوجتي وأطفالي في> البادية ، فأُخبِرُهم ‏بأنك ‏سوف تقتلني ، ثم أعود إليك ،> والله ليس لهم عائل إلا الله ثم أنا> > قال عمر : من يكفلك> أن تذهب إلى البادية ، ثم تعود إليَّ؟> > ‏فسكت الناس جميعا ً، إنهم لا يعرفون اسمه ، ولا خيمته ، ولا> داره ‏ولا قبيلته ولا منزله ، فكيف يكفلونه ، وهي كفالة ليست> على عشرة دنانير، ولا على ‏أرض ، ولا على ناقة ، إنها كفالة على> الرقبة أن تُقطع بالسيف ..> > ‏ومن يعترض على عمر في تطبيق شرع الله ؟ ومن يشفع عنده ؟ومن ‏يمكن> أن يُفكر في وساطة لديه ؟ فسكت الصحابة ، وعمر مُتأثر ، لأنه> ‏وقع في حيرة ، هل يُقدم فيقتل هذا الرجل ، وأطفاله يموتون جوعاً> هناك أو يتركه فيذهب بلا كفالة ، فيضيع دم المقتول ، وسكت الناس ،> ونكّس عمر ‏رأسه ، والتفت إلى الشابين :> > أتعفوان عنه ؟> ‏قالا : لا ، من قتل أبانا لا بد أن يُقتل يا أمير المؤمنين..> > ‏قال عمر : من يكفل هذا أيها الناس ؟!!> > ‏فقام أبو ذر الغفاريّ بشيبته وزهده ، وصدقه ،وقال:> ‏يا أمير المؤمنين ، أنا أكفله> > ‏قال عمر : هو قَتْل ،> قال : ولو كان قاتلا!> > ‏قال: أتعرفه ؟> ‏قال: ما أعرفه ، قال : كيف تكفله؟> > ‏قال: رأيت فيه سِمات المؤمنين ،> فعلمت أنه لا يكذب ، وسيأتي إن شاء‏الله> > ‏قال عمر : يا أبا ذرّ ، أتظن أنه لو تأخر بعد ثلاث أني تاركك!> ‏قال: الله المستعان يا أمير المؤمنين ...> > ‏فذهب الرجل ، وأعطاه عمر ثلاث ليال ٍ، يُهيئ فيها نفسه، ويُودع> ‏أطفاله وأهله ، وينظر في أمرهم بعده ،ثم يأتي ، ليقتص منه لأنه قتل ....> > ‏وبعد ثلاث ليالٍ لم ينس عمر الموعد ، يَعُدّ الأيام عداً ،> وفي العصر‏نادى ‏في المدينة : الصلاة جامعة ، فجاء الشابان ،> واجتمع الناس ، وأتى أبو ‏ذر ‏وجلس أمام عمر ، قال عمر: أين> الرجل ؟ قال : ما أدري يا أمير المؤمنين!> > ‏وتلفَّت أبو ذر إلى الشمس ، وكأنها تمر سريعة على غير عادتها> ، وسكت‏الصحابة واجمين ، عليهم من التأثر مالا يعلمه إلا الله.> ‏صحيح أن أبا ذرّ يسكن في قلب عمر ، وأنه يقطع له من جسمه إذا أراد> ‏لكن هذه شريعة ، لكن هذا منهج ، لكن هذه أحكام ربانية ، لا يلعب> بها ‏اللاعبون ‏ولا تدخل في الأدراج لتُناقش صلاحيتها ، ولا> تنفذ في ظروف دون ظروف ‏وعلى أناس> دون أناس ، وفي مكان دون مكان...> > ‏وقبل الغروب بلحظات ، وإذا بالرجل يأتي ، فكبّر عمر ،وكبّر> المسلمون‏ معه> > ‏فقال عمر : أيها الرجل أما إنك لو بقيت في باديتك ، ما شعرنا بك ‏وما> عرفنا مكانك !!> > ‏قال: يا أمير المؤمنين ، والله ما عليَّ منك ولكن عليَّ من> الذي يعلم السرَّ وأخفى !! ها أنا يا أمير المؤمنين ، تركت أطفالي> كفراخ‏ الطير لا ماء ولا شجر في البادية ،وجئتُ لأُقتل..> وخشيت أن يقال لقد ذهب الوفاء بالعهد من الناس> > فسأل عمر بن الخطاب أبو ذر لماذا ضمنته؟؟؟> فقال أبو ذر : خشيت أن يقال لقد ذهب الخير من الناس> ‏فوقف عمر وقال للشابين : ماذا تريان؟> ‏قالا وهما يبكيان : عفونا عنه يا أمير المؤمنين لصدقه..> وقالوا نخشى أن يقال لقد ذهب العفو من الناس !> > ‏قال عمر : الله أكبر ، ودموعه تسيل على لحيته .....> > ‏جزاكما الله خيراً أيها الشابان على عفوكما ،> وجزاك الله خيراً يا أبا ‏ذرّ ‏يوم فرّجت عن هذا الرجل كربته> ، وجزاك الله خيراً أيها الرجل ‏لصدقك ووفائك ...> ‏وجزاك الله خيراً يا أمير المؤمنين لعدلك و رحمتك....> > ‏قال أحد المحدثين :> والذي نفسي بيده ، لقد دُفِنت سعادة الإيمان ‏والإسلام> في أكفان عمر .
رد مع اقتباس