كيفكم أعضاء وزوار منتدياآآت العآآشق .!? إن شآآء الله
بأتمم صحةة وأحسسن حآآل
ندخل
بصلب الموضوع ونتحدث عن شآآعر ـالأمل والتفاؤل "
إيليا أبو مآضي "
شاعر عربي
لبناني يعتبر من أهم شعراء
المهجر في أوائل القرن العشرين
و يسميه النقاد شاعر الأمل
والتفاؤل
إيليا ضاهر أبو ماضي، ولد في قرية
المحيدثة قضاء المتن الشمالي في
لبنان
في 8 أبريل
1888 وتفيد بعض
المصادر أنه ولد في 21 مايو
1890
عاش
طفولته في لبنان و عندما اشتد به
الفقر ، رحل إلى
مصر عام
1902 بهدف
التجارة مع
عمه
الذي كان يمتهن تجارة
التبغ، وهناك التقى
بأنطون الجميل، الذي كان قد أنشأ مع
أمين تقي الدين مجلة "
الزهور"
فاُعجب بذكائه
وعصاميته إعجابا
شديدا ودعاه إلى
الكتابة بالمجلة،
فنشر أول قصائده بالمجلة، وتوالى نشر أعماله،
إلى أن جمع بواكير شعره في ديوان أطلق عليه إسم "
تذكار الماضي "
وكان أبو ماضي إذ ذاك يبلغ من العمر
22 عاما.
كما اتجه أبو ماضي إلى نظم الشعر في الموضوعات
الوطنية والسياسية، فلم يسلم من مطاردة
السلطات،
فاضطر
للهجرة إلى
الولايات المتحدة عام 1912 حيث استقر أولا
فيسينسيناتي بولاية أوهايو
حيث أقام فيها مدة
أربع سنوات عمل فيها بالتجارة مع
أخيه البكر مراد، ثم رحل إلى
نيويورك وفي بروكلين،
شارك في تأسيس
الرابطة القلمية في الولايات المتحدة الأمريكية مع
جبران خليل جبران و
ميخائيل نعيمة.
أصدر مجلة "
السمير" عام
1929م،
التي تعد مصدراً أولياً
لأدب إيليا أبي ماضي، كما تعد
مصدراً أساسياً من مصادر الأدب المهجري،
حيث نشر فيها معظم أدباء المهجر، وبخاصة أدباء المهجر
الشمالي كثيراً من إنتاجهم الأدبي
شعراً ونثراً
واستمرت في الصدور حتى وفاة الشاعر كما تزوج من
دوروتي دياب
إبنة نجيب دياب الذي أصدر مجلة "
مرآة الغرب"
في الولايات المتحدة وله ثلاث أولاد هم ريتشارد وإدوارد
وروبرت .
نشأ أبو ماضي في عائلة
بسيطة الحال
لذلك لم يستطع أن
يدرس في قريته سوى الدروس
الابتدائية البسيطة؛
فدخل
مدرسة المحيدثة القائمة في جوار الكنيسة.
_الخمائل (نيويورك 1940) من أكثر
دواوين أبي ماضي شهرةً ونجاحاً،
فيه
اكتمال نضوج ايليا
أدبياً، جعله شعر
التناقضات، ففيه الجسد والروح، والثورة
وطلب السلام، والاعتراف بالواقع ورسم
الخيال .
_الجداول (نيويورك 1927): كتب مقدمته
ميخائيل نعيمة.
_تبر وتراب ( 1958)
_تذكار الماضي (الاسكندرية 1911): تناول موضوعات مختلفة أبرزها
الظلم، عرض فيها بالشعر
الظلم الذي يمارسه
الحاكم
على المحكوم، مهاجماً
الطغيان العثماني ضد
بلاده.
ولتحميل ديوآآن إيليا أبو مآضي إضغط
هنآآ
توفي الشآآعر في
نيويورك الولايات المتحدة
عآآم 1957م
| قال السماء كئيبة وتجهما |
قال السماء كئيبة ! وتجهما قلت: ,ابتسم يكفي التجهم في السما !
قال: الصبا ولى! فقلت له: ابتــسم , لن يرجع الأسف الصبا المتصرما !!
قال: التي كانت سمائي في الهوى ,صارت لنفسي في الغرام جــهنما
خانت عــــهودي بعدما ملكـتها قلبي , فكيف أطيق أن أتبســما !
قلـــت: ابتسم و اطرب فلو قارنتها , لقضيت عــــمرك كــله متألما
قال: الــتجارة في صراع هائل مثل, المسافر كاد يقتله الـــظما
أو غادة مسلولة محــتاجة لدم ، و تنفثـ كلما لهثت دما !
قلت: ابتسم ما أنت جالب دائها , وشفائها, فإذا ابتسمت فربما
أيكون غيرك مجرما. و تبيت في ,وجل كأنك أنت صرت المجرما ؟
قال: العدى حولي علت صيحاتهم , أَأُسر و الأعداء حولي في الحمى ؟
قلت: ابتسم, لم يطلبوك بذمهم , لو لم تكن منهم أجل و أعظما !
قال: المواسم قد بدت أعلامها ,و تعرضت لي في الملابس و الدمى
و علي للأحباب فرض لازم لكن ,كفي ليس تملك درهما
قلت: ابتسم, يكفيك أنك لم تزل حيا, و لست من الأحبة معدما!
قال: الليالي جرعتني علقما قلت: ,ابتسم و لئن جرعت العلقما
فلعل غيرك إن رآك مرنما , طرح الكآبة جانبا و ترنما
أتُراك تغنم بالتبرم درهما أم أنت ,تخسر بالبشاشة مغنما ؟
يا صاح, لا خطر على شفتيك أن ,تتثلما, و الوجه أن يتحطما
فاضحك فإن الشهب تضحك و الدجى , متلاطم, و لذا نحب الأنجما !
قال: البشاشة ليس تسعد كائنا , يأتي إلى الدنيا و يذهب مرغما
قلت ابتسم مادام بينك و الردى شبر, فإنك بعد لن تتبسما
| كن بلسما |
كن بلسماً إن صار دهرك أرقما وحلاوة إن صار غيرك علقما
إن الحياة حبتك كلَّ كنوزها لا تبخلنَّ على الحياة ببعض ما ..
أحسنْ وإن لم تجزَ حتى بالثنا أيَّ الجزاء الغيثُ يبغي إن همى ؟
مَنْ ذا يكافئُ زهرةً فواحةً ؟ أو من يثيبُ البلبل المترنما ؟
عُدّ الكرامَ المحسنين وقِسْهُمُ بهما تجدْ هذينِ منهم أكرما
ياصاحِ خُذ علم المحبة عنهما إني وجدتُ الحبَّ علما قيما
لو لم تَفُحْ هذي ، وهذا ما شدا ، عاشتْ مذممةً وعاش مذمما
فاعمل لإسعاد السّوى وهنائهم إن شئت تسعد في الحياة وتنعما
***
أيقظ شعورك بالمحبة إن غفا لولا الشعور الناس كانوا كالدمى
أحبب فيغدو الكوخ قصرا نيرا وابغض فيمسي الكون سجنا مظلما
ما الكأس لولا الخمر غير زجاجةٍ والمرءُ لولا الحب إلا أعظُما
كرهَ الدجى فاسودّ إلا شهبُهُ بقيتْ لتضحك منه كيف تجهّما
لو تعشق البيداءُ أصبحَ رملُها زهراً، وصارَ سرابُها الخدّاع ما
لو لم يكن في الأرض إلا مبغضٌ لتبرمتْ بوجودِهِ وتبرّما
لاح الجمالُ لذي نُهى فأحبه ورآه ذو جهلٍ فظنّ ورجما
لا تطلبنّ محبةً من جاهلٍ المرءُ ليس يُحَبُّ حتى يُفهما
وارفقْ بأبناء الغباء كأنهم مرضى، فإنّ الجهل شيءٌ كالعمى
والهُ بوردِ الروضِ عن أشواكه وانسَ العقاربَ إن رأيت الأنجما
***
يا من أتانا بالسلام مبشراً هشّ الحمى لما دخلتَ إلى الحمى
وصفوكَ بالتقوى وقالوا جهبذُ علامةُ، ولقد وجدتك مثلما
لفظٌ أرقّ من النسيم إذا سرى سَحَراً، وحلوُ كالكرى إن هوّما
وإذا نطقتَ ففي الجوارحِ نشوةٌ هي نشوةُ الروحِ ارتوتْ بعدَ الظما
وإذا كتبتَ ففي الطروسِ حدائقٌ وشّى حواشيها اليراعُ ونمنما
وإذا وقفتَ على المنابر أوشكتْ أخشابها للزهوِ أن تتكلما
إن كنت قد أخطاكَ سربال الغِنَى عاش ابنْ مريم ليس يملك درهما
وأحبّ حتى من أحب هلاكه وأعان حتى من أساء وأجرما
نام الرعاة عن الخراف ولم تنمْ فإليك نشكو الهاجعين النوّما
عبدوا الإله لمغنمٍ يرجونه وعبدتَ ربّك لست تطلبُ مغنما
كم رَوّعوا بجهنّم أرواحنا فتألمت من قبلُ أن تتألما!
زعموا الإله أعدّها لعذابنا حاشا، وربُّك رحمةٌ، أن يظلما
ما كان من أمر الورى أن يرحموا أعداءهم إلا أرقّ وأرحما
ليست جهنم غير فكرةِ تاجرٍ ألله لم يخلق لنا إلا السما
| بلادي |
إنّي مررت على الرياض الحالية و سمعت أنغام الطيور الشادية
فطربت ، لكن لم يحبّ فؤادية كطيور أرضي أو زهور بلادي
و شربت ماء النيل شيخ الأنهر فكأنّني قد ذقت ماء الكوثر
نهر تبارك من قديم الأعصر عذب ، و لكن لا كماء بلادي
و قرأت أوصاف المروءة في السير فظننتها شيئا تلاشى و اندثر
أو أنّها كالغول ليس لها أثر فإذا المروءة في رجال بلادي
ورسمت يوماً صورة في خاطري للحسن ، إنّ الحسن ربّ الشاعر
و ذهبت أنشدها فأعيا خاطري حتّى نظرت إلى بنات بلادي
قالوا : أليس الحسن في كلّ الدنى فعلام لم تمدح سواها موطنا
فأجبتهم إنّي أحبّ الأحسنا أبدا ، و أحسن ما رأيت بلادي
قالوا : رأيناها فلم نر طيّبا و لّى صباها و الجمال مع الصّبا
فأجبتهم : لتكن بلادي سبسبا قفرا ، فلست أحبّ غير بلادي
قالوا : تأمّل أيّ حال حالها صدع القضاء صروحها فأمالها
ستموت ... إنّ الدهر شاء زوالها أتموت ؟ كلّا ، لن تموت بلادي
هي كالغدير إذا أتى فصل الشتا فقد الخرير و صار يحكي الميتا
أو كالهزار حبسته ... لكن متى يعد الربيع يعد إلى الإنشاد
ألكوكب الوضّاح يبقى كوكبا و لئن تستّر بالدجى و تنقّبا
ليس الضباب بسالب حسن الرّبى و البؤس لا يمحو جمال بلادي
لا عزّ إلاّ بالشباب الراقي ألناهض العزمات و الأخلاق
ألثائر المتفجّر الدفّاق لولاه لم تشمخ جبال بلادي
| الطلاسم |
وهي من
أروع وأطول
قصائده ..
جئت، لا أعلم من أين، ولكنّي أتيت
ولقد أبصرت قدّامي طريقا فمشيت
وسأبقى ماشيا إن شئت هذا أم أبيت
كيف جئت؟ كيف أبصرت طريقي؟
لست أدري!
أجديد أم قديم أنا في هذا الوجود
هل أنا حرّ طليق أم أسير في قيود
هل أنا قائد نفسي في حياتي أم مقود
أتمنّى أنّني أدري ولكن...
لست أدري!
وطريقي، ما طريقي؟ أطويل أم قصير؟
هل أنا أصعد أم أهبط فيه وأغور
أأنا السّائر في الدّرب أم الدّرب يسير
أم كلاّنا واقف والدّهر يجري؟
لست أدري!
ليت شعري وأنا عالم الغيب الأمين
أتراني كنت أدري أنّني فيه دفين
وبأنّي سوف أبدو وبأنّي سأكون
أم تراني كنت لا أدرك شيئا؟
لست أدري!
أتراني قبلما أصبحت إنسانا سويّا
أتراني كنت محوا أم تراني كنت شيّا
ألهذا اللّغو حلّ أم سيبقى أبديّا
لست أدري... ولماذا لست أدري؟
لست أدري!
البحر:
قد سألت البحر يوما هل أنا يا بحر منكا؟
هل صحيح ما رواه بعضهم عني وعنكا؟
أم ترى ما زعموا زوار وبهتانا وإفكا؟
ضحكت أمواجه مني وقالت:
لست أدري!
أيّها البحر، أتدري كم مضت ألف عليكا
وهل الشّاطىء يدري أنّه جاث لديكا
وهل الأنهار تدري أنّها منك إليكا
ما الذّي الأمواج قالت حين ثارت؟
لست أدري!
أنت يا بحر أسير آه ما أعظم أسرك
أنت مثلي أيّها الجبار لا تملك أمرك
أشبهت حالك حالي وحكى عذري عذرك
فمتى أنجو من الأسر وتنجو؟ ..
لست أدري!
ترسل السّحب فتسقي أرضنا والشّجرا
قد أكلناك وقلنا قد أكلنا الثّمرا
وشربناك وقلنا قد شربنا المطرا
أصواب ما زعمنا أم ضلال؟
لست أدري!
قد سألت السّحب في الآفاق هل تذكر رملك
وسألت الشّجر المورق هل يعرف فضلك
وسألت الدّر في الأعناق هل تذكر أصلك
وكأنّي خلتها قالت جميعا:
لست أدري!
برفض الموج وفي قاعك حرب لن تزولا
تخلق الأسماك لكن تخلق الحوت الأكولا
قد جمعت الموت في صدرك والعيش الجميلا
ليت شعري أنت مهد أم ضريح؟..
لست أدري!
كم فتاة مثل ليلى وفتى كأبن الملوح
أنفقا السّاعات في الشّاطىء ، تشكو وهو يشرح
كلّما حدّث أصغت وإذا قالت ترنّح
أخفيف الموج سرّ ضيّعاه؟..
لست أدري!
كم ملوك ضربوا حولك في اللّيل القبابا
طلع الصّبح ولكن لم نجد إلاّ الضّبابا
ألهم يا بحر يوما رجعة أم لا مآبا
أم هم في الرّمل ؟ قال الرّمل إني...
لست أدري!
فيك مثلي أيّها الجبّار أصداف ورمل
إنّما أنت بلا ظلّ ولي في الأرض ظلّ
إنّما أنت بلا عقل ولي ،يا بحر ، عقل
فلماذا ، يا ترى، أمضي وتبقى ؟..
لست أدري!
يا كتاب الدّهر قل لي أله قبل وبعد
أنا كالزّورق فيه وهو بحر لا يجدّ
ليس لي قصد فهلل للدهر في سيري قصد
حبّذا العلم، ولكن كيف أدري؟..
لست أدري!
إنّ في صدري، يا بحر ، لأسرار عجابا
نزل السّتر عليها وأنا كنت الحجابا
ولذا أزداد بعدا كلّما أزددت اقترابا
وأراني كلّما أوشكت أدري...
لست أدري!
إنّني ،يا بحر، بحر شاطئاه شاطئاكا
الغد المجهول والأمس اللّذان اكتنفاكا
وكلانا قطرة ، يا بحر، في هذا وذاك
لا تسلني ما غد، ما أمس؟.. إني...
لست أدري!
الدير:
قيل لي في الدّير قوم أدركوا سرّ الحياة
غير أنّي لم أجد غير عقول آسنات
وقلوب بليت فيها المنى فهي رفات
ما أنا أعمى فهل غيري أعمى؟..
لست أدري!
قيل أدرى النّاس بالأسرار سكّان الصوامع
قلت إن صحّ الذي قالوا فإن السرّ شائع
عجبا كيف ترى الشّمس عيون في البراقع
والتي لم تتبرقع لا تراها؟..
لست أدري!
إن تك العزلة نسكا وتقى فالذّئب راهب
وعرين اللّيث دير حبّه فرض وواجب
ليت شعري أيميت النّسك أم يحيي المواهب
كيف يمحو النّسك إثما وهو إثم؟..
لست أدري!
أنني أبصرت فيّ الدّير ورودا في سياج
قنعت بعد النّدى الطّاهر بالماء الأجاج
حولها النّور الذي يحي ، وترضى بالديّاجي
أمن الحكمة قتل القلب صبرا؟..
لست أدري!
قد دخلت الدّير عند الفجر كالفجر الطّروب
وتركت الدّير عند اللّيل كاللّيل الغضوب
كان في نفسي كرب، صار في نفسي كروب
أمن الدّير أم اللّيل اكتئابي؟
لست أدري!
قد دخلت الدّير استنطق فيه الناسكينا
فإذا القوم من الحيرة مثلي باهتونا
غلب اليأس عليهم ، فهم مستسلمونا
وإذا بالباب مكتوب عليه...
لست أدري!
عجبا للنّاسك القانت وهو اللّوذعي
هجر النّاس وفيهم كلّ حسن المبدع
وغدا يبحث عنه المكان البلقع
أرأى في القفر ماء أم سرابا؟..
لست أدري!
كم تمارى ، أيّها النّاسك، في الحق الصّريح
لو أراد اللّه أن لا تعشق الشّيء المليح
كان إذ سوّاك بلا عقل وروح
فالّذي تفعل إثم ... قال إني ...
لست أدري!
أيّها الهارب إنّ العار في هذا الفرار
لا صلاح في الّذي تفعل حتّى للقفار
أنت جان أيّ جان ، قاتل في غير ثار
أفيرضى اللّه عن هذا ويعفو ؟..
لست أدري!
بين المقابر:
ولقد قلت لنفسي، وأنا بين المقابر
هل رأيت الأمن والرّاحة إلاّ في الحفائر؟
فأشارت : فإذا للدّود عيث في المحاجر
ثم قالت :أيّها السّائل إني...
لست أدري!
أنظري كيف تساوى الكلّ في هذا المكان
وتلاشى في بقايا العبد ربّ الصّولجان
والتقى العاشق والقالي فما يفترقان
أفبذا منتهى العدل؟ فقالت ...
لست أدري!
إنّ يك الموت قصاصا، أيّ ذنب للطّهاره
وإذا كان ثوابا، أيّ فضل للدعاره
وإذا كان يوما وما فيه جزاء أو جساره
فلم الأسماء إثم أو صلاح؟..
لست أدري!
أيّها القبر تكلّم، واخبرني يا رمام
هل طوى أحلامك الموت وهل مات الغرام
من هو المائت من عام ومن مليون عام
أبصير الوقت في الأرماس محوا؟..
لست أدري!
إن يك الموت رقادا بعده صحو طويل
فلماذا ليس يبقى صحونا هذا الجميل؟
ولماذا المرء لا يدري متى وقت الرّحيل؟
ومتى ينكشف السّرّ فيدري؟..
لست أدري!
إن يك الموت هجوعا يملأ النّفس سلاما
وانعتاقا لا اعتقالا وابتداء لا ختاما
فلماذا أعشق النّوم ولا أهوى الحماما
ولماذا تجزع الأرواح منه؟..
لست أدري!
أوراء القبر بعد الموت بعث ونشور
فحياة فخلود أم فتاء ودثور
أكلام النّاس صدق أم كلام الناس زور
أصحيح أنّ بعض الناس يدري؟..
لست أدري!
إن أكن أبعث بعد الموت جثمانا وعقلا
أترى أبعث بعضا أم ترى أبعث كلاّ
أترى أبعث طفلا أم ترى أبعث كهلا
ثمّ هل أعرف بعد الموت ذاتي؟..
لست أدري!
يا صديقي، لا تعللّني بتمزيق السّتور
بعدما أقضي فعقلي لا يبالي بالقشور
إن أكن في حالة الإدراك لا أدري مصيري
كيف أدري بعدما أفقد رشدي...
لست أدري!
القصر والكوخ:
ولقد أبصرت قصرا شاهقا عالي القباب
قلت ما شادك من شادك إلاّ للخراب
أنت جزء منه لكن لست تدري كيف غاب
وهو لا يعلم ما تحوي؛ أيدري؟..
لست أدري!
يا مثالا كان وهما قبلما شاء البناة
أنت فكر من دماغ غيّبته الظلمات
أنت أمنية قلب أكلته الحشرات
أنت بانيك الّذي شادك لا ... لا...
لست أدري!
كم قصور خالها الباني ستبقى وتدوم
ثابتات كالرّواسي خالدات كالنّجوم
سحب الدّهر عليها ذيله فهي رسوم
مالنا نبني وما نبني لهدم؟..
لست أدري!
لم أجد في القصر شيئا ليس في الكوخ المهين
أنا في هذا وهذا عبد شك ويقين
وسجين الخالدين اللّيل والصّبح المبين
هل أنا في القصر أم في الكوخ أرقى؟
لست أدري!
ليس في الكوخ ولا في القصر من نفسي مهرب
أنّني أرجو وأخشى، إنّني أرضى وأغضب
كان ثوبي من حرير مذهب أو كان قنّب
فلماذا يتمنّى الثوب عاري؟..
لست أدري!
سائل الفجر: أعند الفجر طين ورخام؟
واسأل القصر ألا يخفيه، كالكوخ، الظّلام
واسأل الأنجم والرّيح وسل صوب الغمام
أترى الشّيء كما نحن نراه؟..
لست أدري!
الفكر:
ربّ فكر لاح في لوحة نفسي وتجلّى
خلته منّي ولكن لم يقم حتّى تولّى
مثل طيف لاح في بئر قليلا واضمحّلا
كيف وافى ولماذا فرّ منّي؟
لست أدري!
أتراه سابحا في الأرض من نفس لأخرى
رابه مني أمر فأبى أن يستقرّا
أم تراه سرّ في نفسي كما أعبر جسرا
هل رأته قبل نفسي غير نفسي؟
لست أدري!
أم تراه بارقا حينا وتوارى
أم تراه كان مثل الطير في سجن فطارا
أم تراه انحلّ كالموجة في نفسي وغارا
فأنا أبحث عنه وهو فيها،
لست أدري!
صراع وعراك:
إنّني أشهد في نفسي صراعا وعراكا
وأرى ذاتي شيطانا وأحيانا ملاكا
هل أنا شخصان يأبى هذا مع ذاك اشتراكا
أم تراني واهما فيما أراه؟
لست أدري!
بينما قلبي يحكي في الضّحى إحدى الخمائل
فيه أزهار وأطيار تغني وجداول
أقبل العصر فأسى موحشا كالقفر قاحل
كيف صار القلب روضا ثمّ قفرا؟
لست أدري!
أين ضحكي وبكائي وأنا طفل صغير
أين جهلي ومراحي وأنا غضّ غرير
أين أحلامي وكانت كيفما سرت تسير
كلّها ضاعت ولكن كيف ضاعت؟
لست أدري!
لي إيمان ولكن لا كأيماني ونسكي
إنّني أبكي ولكن لا كما قد كنت أبكي
وأنا أضحك أحيانا ولكن أيّ ضحك
ليت شعري ما الذي بدّل أمري؟
لست أدري!
كلّ يوم لي شأن ، كلّ حين لي شعور
هل أنا اليوم أنا منذ ليال وشهور
أم أنا عند غروب الشمس غيري في البكور
كلّما ساءلت نفسي جاوبتني:
لست أدري!
ربّ أمر كنت لّما كان عندي أتّقيه
بتّ لّما غاب عنّي وتوارى أشتهيه
ما الّذي حبّبه عندي وما بغّضنيه
أأنا الشّخص الّذي أعرض عنه؟
لست أدري!
ربّ شخص عشت معه زمناألهو وأمرح
أو مكان مرّ دهر لي مسرى ومسرح
لاح لي في البعد أجلى منه في القرب وأوضح
كيف يبقى رسم شيء قد توارى؟
لست أدري!
ربّ بستان قضيت العمر أحمي شجره
ومنعت النّاس أن تقطف منه زهره
جاءت الأطيار في الفجر فناشت ثمره
ألأطيار السّما البستان أم لي؟
لست أدري!
رب قبح عند زيد هو حسن عند بكر
فهما ضدّان فيه وهو وهم عند عمرو
فمن الصّادق فيما يدّعيه ، ليت شعري
ولماذا ليس للحسن قياس؟
لست أدري!
قد رأيت الحسن ينسى مثلما تنسى العيوب
وطلوع الشّمس يرجى مثلما يرجى الغروب
ورأيت الشّر مثل الخير يمضي ويؤوب
فلماذا أحسب الشرّ دخيلا؟
لست أدري!
إنّ هذا الغيث يهمي حين يهمي مكرها
وزهور الأرض تفشي مجبرات عطرها
لا تطيق الأرض تخفي شوكها أو زهرها
لا تسل : أيّهما أشهى وأبهى؟
لست أدري!
قد يصير الشوك إكليلا لملك أو نبّي
ويصير الورد في عروة لص أو بغيّ
أيغار الشّوك في الحقل من الزّهر الجنّي
أم ترى يحسبه أحقر منه؟
لست أدري!
قد يقيني الخطر الشّوك الذي يجرح كفّي
ويكون السّمّ في العطر الّذي يملأ أنفي
إنّما الورد هو الأفضل في شرعي وعرفي
وهو شرع كلّه ظلم ولكن ...
لست أدري!
قد رأيت الشّهب لا تدري لماذا تشرق
ورأيت السّحب لا تدري لماذا تغدق
ورأيت الغاب لا تدري لماذا تورق
فلماذا كلّها في الجهل مثلي ؟
لست أدري!
كلّما أيقنت أني قد أمطت السّتر عني
وبلغت السّر سرّي ضحكت نفسي مني
قد وجدت اليأس والحيرة لكن لم أجدني
فهل الجهل نعيم أم جحيم؟
لست أدري!
لذة عندي أن أسمع تغريد البلابل
وحفيف الورق الأخضر أو همس الجداول
وأرى الأنجم في الظلّماء تبدو كالمشاعل
أترى منها أم اللّذة منّي...
لست أدري!
أتراني كنت يوما نغما في وتر
أم تراني كنت قبلا موجة في نهر
أم تراني كنت في إحدى النّجوم الزّهر
أم أريجا ، أم حفيفا ، أم نسما؟
لست أدري!
فيّ مثل البحر أصداف ورمل ولآل
في كالأرض مروج وسفوح وجبال
فيّ كالجو نجوم وغيوم وظلال
هل أنا بحر وأرض وسماء؟
لست أدري!
من شرابي الشّهد والخمرة والماء الزّلال
من طعامي البقل والأثمارواللّحم الحلال
كم كيان قد تلاشى في كياني واستحال
كم كيان فيه شيء من كياني؟
لست أدري!
أأنا أفصح من عصفورة الوادي وأعذب؟
ومن الزّهرة أشهى ؟ وشذى الزّهرة أطيب؟
ومن الحيّة أدهى ؟ ومن النّملة أغرب؟
أم أنا أوضع من هذي وأدنى؟
لست أدري!
كلّها مثلي تحيا، كلّها مثلي تموت
ولها مثلي شراب ، ولها مثلي قوت
وانتباه ورقاد، وحديث وسكوت
فيما أمتاز عنها ليت شعري؟
لست أدري!
قد رأيت النّمل يسعى مثلما أسعى لرزقي
وله في العيش أوطار وحق مثل حقي
قد تساوى صمته في نظر الدّهر ونطقي
فكلانا صائر يوما إلى ما ...
لست أدري!
أنا كالصّهباء ، لكن أنا صهباي ودّني
أصلها خاف كأصلي ، سجنها طين كسجني
ويزاح الختم عنها مثلما ينشّق عني
وهي لا تفقه معناها، وإني...
لست أدري!
غلط القائل إنّ الخمر بنت الخابيه
فهي قبل الزق كانت في عروق الدّاليه
وحواها قبل رحن الكرم رحم الغاديه
إنّما من قبل هذا أين كانت؟
لست أدري!
هي في رأي فكر ، وهي في عينّي نور
وهي في صدري آمال ، وفي قلبي شعور
وهي في جسمي دم يسري فيه ويمور
إنّما من قبل هذا كيف كانت؟
لست أدري!
أنا لا أذكر شيئا من حياتي الماضية
أنا لا أعرف شيئا من حياتي الآتيه
لي ذات غير أني لست لأدري ماهيه
فمتى تعرف ذاتي كنه ذاتي؟
لست أدري!
إنّني جئت وأمضي وأنا لا أعلم
أنا لغز ... وذهابي كمجيتي طلسم
والّذي أوجد هذا اللّغز لغز أعظم
لا تجادل ذا الحجا من قال إنّي ...
لست أدري!
| أنا |
حرّ ومذهب كلّ حرّ مذهبي ,ما كنت بالغاوي ولا المتعصب
أني لأغضب للكريم ينوشه ,من دونه وألوم من لم يغضب
وأحبّ كلّ مهذب ولو أنّه خصمي، وأرحم كلّ غير مهذب
يأبى فؤادي أن يميل إلى الأذى , حبّ الأذية من طباع العقرب
لي أن أردّ مساءة بمساءة , لو انني أرضى ببرق خلب
حسب المسيء شعوره ومقاله , في سرّه : يا ليتني لم أذنب
أنا لا تغشّني الطيالس والحلى , كم في الطيالس من سقيم أجرب؟
عيناك من أثوابه في جنّة , ويداك من أخلاقه في سبسب
وإذا بصرت به بصرت بأشمط , وإذا تحدثه تكشّف عن صبي
إني إذا نزل البلاء بصاحبي , دافعت عنه بناجذي وبمخلبي
وشددت ساعده الضعيف ,بساعدي وسترت منكبه العريّ بمنكبي
وأرى مساوئه كأني لا أرى , وأرى محاسنه وإن لم تكتب
وألوم نفسي قبله إن أخطأت , وإذا أساء إلّي لم أتعتّب
مقترب من صاحبي فإذا مشت , في عطفه الغلواء لم أتقرب
أنا من ضميري ساكن في معقل , أنا من خلالي سائر موكب
فإذا رآني ذو الغباوة دونه , فكما ترى في الماء ظلّ الكواكب
التعديل الأخير تم بواسطة حلم القمر ; 12-27-2013 الساعة 11:42 AM