السلام عليكم
أقدم لكم نصاً مسرحياً بعنوان " حُمّى الجنون " , و يتألف من أربعة فصول , و سأطرح الفصول على حدى
الفصل الأول : الحُلُمْ
الفصل الثاني : الشك
الفصل الثالث : الطريق إلى الخلاص
الفصل الرابع : الخلاص الأبدي
أما عن الحبكة فهي مفعمة بالمعاني الإنسانية و الأخلاقية و الصراع فيما بينها ,,
* اعتذر إن مر عليكم , اي خطأ لغوي أو املائي ,,
لغتي تحتاج للمزيد من التطوير

قراءة ممتعة
**************************
نص مسرحي : حُمّى الجنون
الفصل الأول : الحُلُمْ
يعود محمد إلى بلده , في القرية جبلية , سنة 1968 م , في السادس و العشرين من محرم
محمد ( حوار داخلي ) : لم تتغير القرية منذ ان رحلت عنها ..
لا يزال الناس منكبين في عملهم , في الأسواق , اعتقد ان لا احد سيلحظ عودتي ..
كم انا مشتاق إلى ابي , و اخي , خطيبتي .. فاطمـ..
طفل في عمر السادسة يمسك يد محمد
الطفل : اخي ..
محمد : عذراً ؟
الطفل : اخي , هل يمكنك ان تشتري لي قطعة السكاكر تلك ؟!
فتاة : قاسم, عيب !
ينظر محمد للفتاة , يدنو محمد من الطفل
محمد : اسمك قاسم اذا , تريد قطعة سكاكر ؟!
يبتسم الطفل
قاسم : نعم ..
الفتاة : قاسم يكفي , هيا تعال إلى هنا !
محمد : لا عليك , اختي ..
الفتاة : كلا يجب عليه , ان يتعلم بعض الأخلاق .. لا التسول !
محمد : ما هذه القسوة !؟
لقد سألني ان اشتري له قطعة سكاكر لا اكثر , و هذا ما اريد فعله ..
فتاة : لست مجبــ..
يناول محمد قاسم قطعة سكاكر
محمد : فلتكن هدية اذا ..
قاسم : شكراً لك يا أخي
يبتسم محمد
فتاة : قاسم ؟!
قاسم : حسناً حسناً
يعود قاسم لأخته
فتاة , تتحدث و هي تبتعد
فتاة : اليس من العيب ان تطلـ..
قاسم : طعمها لذيذ
فتاة : انصت إلي , انت لا تعلم ما سيفعله بك اذا علـ..
محمد ( حوار داخلي ) : كم هي جميلة العودة ..
يدخل محمد منزله , تصرخ ام محمد
أم محمد ( ام محمد ) : يا إلهي !
محمد : امي !؟
أم محمد : لقد عدت أخيراً ؟!
محمد : نعم , اخيراً اشتقت اليكم
أم محمد : لقد اشتقنا اليك , كثيراً
محمد : لقد انهيت دراستي , و سأنفع بها مجتمعي ..
أم محمد : محمد , سأذهب لمنزل عمتك , لأزف خبر عودتك لخطيبتك فاطمة
محمد : امي .. اين اخي !؟
عبد الله ؟
أم محمد : ستسر كثيراً حين تعلم بخبر عودتك , انا متأكدة انها كانت تنتظر هذه اللحظة !
محمد : امي !
عبد الله اخي اين هو ؟!
أم محمد : هاه , عبد الله , اعتقد انه في الميناء عند ابيك , هناك سفينة قادمة محملة بتجارة ابيك , و هو يساعد ابوك في تجارته..
محمد : جيد , اذا انا ذاهب للميناء
أم محمد : إلا تريد ان ترتاح قليلاً , سأعد لك الشاي , و سأدعو عمتك و ابنت عمتك لمنزلنا ..
محمد : هاه , كلا , امي اريد ان أرى ابي و اخي ..
أم محمد : حسناً افعل ما تشاء ..
محمد : وداعاً امي ..
يخرج محمد
أم محمد ( بهمس ) : غريب امرك ؟!
لم يكترث مطلقاً بشأن خطيبته .. اخاك هذا يأسرك حقاً ..
انت تحب اخاك كثيراً يا محمد ..
هذا امر جيد
يتجول محمد في القرية , في الطريق إلى الميناء
محمد : عبد الله ؟!
ذلك الفتى المشاغب , ذلك الفتى المزعج , كم كان ابي يؤنبه لضرب الأطفال الأخرين , و لإزعاج الجيران ..
ولدٌ من عالم آخر ..
لم يكن يتجرأ أي شخص ان يلمسني , اخي كان يبث الرغب في قلوبهم ..
محمد يضحك , يصل إلى ميناء السفن , عبد الله يحمل كيساً مملوء بالأرز و الطحين على ظهره
عبد الله : أين اضعها يا ابي ؟!
سليمان ( الأب ) : هناك , ضعها بلطف كي لا يتمزق الكيس
عبد الله : حسناً ابي ..
يضع عبد الله كيس الأرز , و يجلس على صخرة , يمسح العرق من جبينه , يجلس محمد بالقرب منه
محمد : الحياة قاسية هاه ؟!
عبد الله : هاه ؟
محمد !!
لقد عدت !؟
محمد : نعم ..
عبد الله : تعال لأحضنك !
محمد : هاه , ربما في مرة قادمة , او بعد ان تستحم !
عبد الله : ماذا ؟!
كنت تتمرغ في الوحل في طفولتك , اما لأن حين كبرت أصبحت نظيفاً هكذا فجأة ؟!
محمد ( يضحك ) : يكفي
عبد الله : هيا اذهب لأبي , و سلم عليه
محمد : حسناً , انتظرني هنا سأعود
يذهب محمد لأبيه
محمد : ابي !؟
سليمان : محمد , ابني العزيز ؟!
لقد عدت اذا ؟!
يحضن سليمان محمد
محمد : نعم يا ابي ..
سليمان : كيف كانت الدراسة يا بني ؟!
محمد : لقد كانـ..
سليمان : عبد الله , اذهب و انهي العمل لم يتبقى سوى كيسين
عبد الله ( من بعيد ) : حسناً يا ابي ..
يذهب عبد الله لحمل الكيس , محمد يراقب عبد الله
سليمان : اخبرني , اخبرني , كيف كانت الدراسة يا بني !؟
محمد : لق , كانت , اعني , انتظر هنا قليلاً
سليمان : هاه ؟!
ذهب محمد لحمل الكيس الأخير
سليمان : لا عليك يا بني , عبد الله سيحمله ..
محمد : ليس ثقيلاً , اريد ان امرن عضلاتي قليلاً ..
سليمان : حسناً اذا , مرن عضلاتك
يبتسم محمد لأبيه , يحمل محمد الكيس و يضعه بالقرب من البقية
عبد الله : يا له من عذر
محمد : حقاً كنت اريد ان امرن عضـ
عبد الله : محمد , اتعلم انا الشخص الوحيد الذي لا تستطيع ان تكذب عليه
يبتسم محمد
عبد الله : ما رأيك الأن , هل كان الكيس ثقيلاً
محمد : نعم بعض الشيء ..
عبد الله : حسناً , اذهب و انهي حديثك مع ابي
يذهب محمد لأبيه
محمد : ابي , كانت الدراسة , جيدة , و صعبةً بعض الشيء , و لكنني انهيتها و الحمد لله
سليمان : جيد , جيد , انت ابن التاجر الكبير سليمان , فتعلو من شأن ابيك يا بني
محمد : حسناً يا بني , ابي , اعذرني سأّهب لأتحدث مع عبد الله
سليمان : حسناً يا بني , العمل انتهى الأن , بأماكنكما الذهاب معاً للمنزل
محمد : حسناً شكراً ابي
يذهب محمد إلى عبد الله
محمد : عبد الله , لقد اشتقت إليك كثيراً يا أخي ..
عبد الله : هيا تعال و عانقني !
محمد ( يضحك ) : إلا هذه !
يصمت محمد , قاطعاً ضحكته
عبد الله : ما بك ؟
محمد : لا شيء
عبد الله : هناك امراً دار بخلدك لثانية , اريد ان اعلم ما هو ؟
محمد : عبد الله , قد يكون امراً غريباً , و لكنني لم اضحك هكذا , منذ ان ذهبت !
عبد الله : و كيف ذلك ؟
محمد : لا اعلم و لكنني كنت اعني هذه الضحكة !
عندما ذهبت كنت فقط اضحك و لكن هذه الضحكة كانت صادقة ..
عبد الله : ليس امراً غريباً , الجميع هنا يدعي , الجميع يخفي ما بداخله , يضحكون يجاملون ينافقون , الجميع يرتدون اقنعة ..
الجميع ممثلون و الحياة مسرح كبير
محمد : صدقت في هذه ..
عبد الله : قل ذلك لشكسبير و ليس لي
محمد : هوه , شكسبير !
أصبحت تتثقف ؟
بعدما كنت تتدرب على الرماية بكتبك
عبد الله : الم كان رامٍ جيد !؟
محمد : نعم , كانت تصيب رأسي في كل مره
عبد الله ( يضحك ) : قلت لك اني رامٍ جيد
عبد الله : محمد الحياة , قد تغيرنا , قليلاً فقليلاً ..
محمد : نعـ..
عبد الله : و لكن لا تدع الحياة تغيرك !
لا تتغير لترضي لأخرين و لا تناقض نفسك ..
كنت أنت !
لا ترضخ, كن حراً , لقد ولدنا احراراً يا أخي ..
كافح لأجل معتقداتك , و لا تدع لأخرين يضروك لأنك مختلف عنهم ..
لا تكن سهل المساغ , لا تكن سهل المضغ , كن حجراً !
يصعب هضم !
محمد : ما هذا ؟!
عبد الله : هكذا , ستعيش كما ولدت و لن تكن نسخة معدلة لأصلك ..
و لكن يا أخي لا تؤذي من تحب ..
محمد : اتعني فاطمة !؟
عبد الله : محمد الفتاة تحبك !
محمد : و انا لم اقل اني لا احبها !؟
عبد الله : بادلها الاهتمام ذاته اذا ..
محمد : حسناً يا أخي ..
يحدق عبد الله بالبحر
محمد : الم يحن موعد عودتنا للمنزل ؟
عبد الله : انتظر , هناك شيء انتظره
محمد : ما هو ؟
عبد الله : انتظر قليلاً ..
بعد لحظة
عبد الله : انظر لمنظر غروب الشمس و القوارب الشراعية
محمد : جميل حقاً !
عبد الله : دوماً كنت بعد العمل اجلس هنا و انتظر الغروب
محمد : عبد الله , انت بالنسبة إلي لم تتغير
عبد الله : حقاً ؟
محمد : نعم , و اعجب من ذلك ؟
عبد الله : لا شيء سيغرني يا اخي .. سأبقى كما انا ..
محمد : هذا امر جيد , فأنا احبك كما انت هكذا ..
عبد الله : الا زلت مصراً على عدم العناق ؟!
محمد : كلا !
عبد الله ( يضحك ) : جيد
عبد الله : محمد , ماذا بشأنك قصصك ؟
محمد : قصصي ؟
عبد الله : نعم ؟
محمد : لم اتفرغ لها في لأونه الأخيرة ..
عبد الله : لماذا , كانت جيدة , احببتها حقاً !
محمد : سأعود لاستكمالها عما قريب
عبد الله : جيد , محمد لطالما كنت انت فتىً جباناً
محمد : لست جباناً و لكنني لا احب الخصام
عبد الله : كنت ضعيفاً
محمد : لا احب الخصام
عبد الله : كنت دائماً تطلب مني أوسع الأخرين ضرباً , و بسببك انت لم يعد لدي أي أصدقاء
محمد ( ضحك ) : انت تكذب
عبد الله : أصبحت انا لأن كاذباً ؟
محمد : نعم , تكذب
عبد الله : و لكن كنت انت الشخص الناجح , لا تستلم بسهولة.. احييك على ذلك
محمد : ماذا تعني ؟
دراستي ؟
عبد الله : كلا , خالد , عندما عددته انت صديقاً مقرباً لك , وفقت في ذلك , خالد فتىً جيد
محمد : هاه , خالد ..
عبد الله : نعم , في حين اني لم استطع أن افعل الأمر ذاته ..
محمد : كنت اطمح لأكون مثلك !
عبد الله : و من الجيد انك فشلت !
محمد : كلا لم استطع !
عبد الله : ما هذا الإطراء ؟!
انت كاذب فاشل , هيا لنعد للمنزل لأن
محمد : حسناً ..
يعود محمد و عبد لله , للمنزل , يدخل محمد و عبد لله المنزل , يرى حشد من الناس في منزلهم
محمد : هاه ؟
عبد لله : اعتقد انهم يريدون ان يهنؤوك على عودتك السالمة ..
محمد ( نبرة شاحبة ) : أرى ذلك
ينظر عبد لله لمحمد
عبد لله : محمد هل سلمت على امي ؟
محمد ( مبتسماً ) : نعم
عبد لله : جيد , ما رأيك لاحقا ان نذهـ..
سليمان : محمد ؟
لقد اتيت ما الذي اخرك ؟
محمد : لقد كنا نجلـ..
سليمان : تعال , تعال , و سلم على عمك
محمد : هاه , حسناً
ينظر محمد لعبد لله
عبد لله : انا سأذهب لشراء بعض الحاجيات و اعود
محمد : سأذهـ..
سليمان : لن تذهب لأي مكان , هيا تعال و سلم على عمك و عمتك
عبد لله : اذهب
ذهب محمد , دخل محمد المجلس
محمد ( حوار داخلي ) : أناس كثر , لا أعرف اكثرهم ..
ذلك أبو أحمد زوج عمتي أبو فاطمة , أبو راشد عدو ابي اللدود في التجارة , يال هذا النفاق !
همم , ذلك حمدان زير النساء , و هنا السكير الكبير سعيدان , لا اعلم كيف داخل مجلسنا لو لم يكن هنا الكثير من الضيوف لطرده ابي , على الأرجح حين يخرج الضيوف سيأتي و يطلب ابي بعض المال ليشتري زجاجة خمر ..
و هذا الشيخ مسعود , الفقيه و القاضي الشرعي , و هذا الشيخ الأعور هو خلفان ..
و البقية مجرد غرباء .. لم اتحدث سوى لسعيدان عندما ثمل و اوسعه اخي ضرباً عندما امسكني من يدي بقوة ..
كانت فضيحة كبرى , عبد لله يوسع رجل كبير ضرباً ..
بعد وهله , بعد ان انتهى خالد من التسليم و التحدث إلى الضيوف بعبارات مختصرة , خرج من المجلس
محمد : امي , هل رأيتِ عبد لله ؟
أم محمد : عبد لله , نعم رأيته , لقد كان هنا قبل قليل , لا اعلم إلى اين ذهب الأن..
محمد : أرى ذلك
أم محمد : محمد , هيا تعال و سلم على عمتك
محمد : الأن ؟
أم محمد : نعم !
خطيبتك و عمتك مشتاقتان لرؤيتك !
محمد : حسناً , حسناً
دخل محمد غرفة المعيشة
محمد : السلام عليكم
سلمى ( عمة محمد ) : و عليكم السلام , كيف حالك محمد ؟
محمد : بخير و الحمد لله
فاطمة : كيف حالك ابن عمتي ؟
محمد : انا , انا بخير و انتِ ؟
محمد ( حوار داخلي ) : عمري اثنان و عشرون و لا أزال اتلعثم عند مخاطبتها !
سحقاً !
فاطمة : بخير
سلمى : اجلس يا بني
محمد : حسناً
جلس محمد
سلمى : أم محمد , اكملي حديثك ..
أم محمد : لذلك قلنا انه من الجيد , ان نبيعها لنشتري افضل منها ..
سلمى : هكذا اذا ..
أم محمد : نعم , و سليمان حالياً يبحث في هذا الأمر
محمد شارد الذهن , تقدم فاطمة كوب شاي ممسكة به بكلتا يديها
محمد ( حوار داخلي ) : ما هذا الصخب , ما هذا الحديث الممل !
فاطمة : تفضل محمد !
محمد : هاه ؟
فاطمة : خذ , تناول كوب الشاي
أم محمد و سلمى , تتحدثان و ترقبانهما , تناول فاطمة محمد كوب الشاي
محمد : هاه .. حسنا , عذراً
فاطمة : إلى اين ذهبت ؟
محمد : آسف , كنت شارد الذهن
فاطمة : لا اعجب من ذلك
محمد : و لماذا ؟
فاطمة : قد يبدو لك الحديث النسائي هذا , مضجراً , صحيح ؟
محمد : كلا , كلا .. ولكن
فاطمة ( تبتسم ) : لا عليك
ينظر محمد لأسفل , يرفع رأسه , فاطمة تبتسم
سلمى : فاطمة حضري الشاي , لعمتك ..
فاطمة : حسنا امي ..
تقدم فاطمة الشاي , لأم محمد
محمد : امي , عمتي , انا سأخرج الأن ..
أم محمد : حسناً بني
فاطمة : خذ كوب الشاي معك
محمد : حسناً , شكراً , وداعاً
خرج محمد
محمد ( حوار داخلي ) : اين عساه ان يكون !؟
يتجول محمد في المنزل , حاملاً كوب الشاي
محمد ( حوار داخلي ) : ما هذا الصوت ؟
موسيقى ؟
تصدر من المزرعة ؟
يذهب محمد لمزرعتهم , تابعاً مصدر الصوت
محمد : ها انت ذا
عبد لله : اكنت تبحث عني ؟
محمد : نعم , ما هذا الشيء ؟
عبد لله : هذه ؟
محمد ( يبتسم ) : هذه , نعم , ما هذا الشيء ؟
عبد لله : هذه تدعى , قيثارة !
محمد : قياثرة ؟
عبد لله : قيثارة !
محمد : هاه , و ماذا تصنع بها ؟
عبد لله : اعزف بها , مثل العود , أترى ؟!
محمد : أرى ذلك , عجيبة !
علمني إياه !
عبد لله : انها صعبة بعض الشيء , تحتاج لبعض الوقت
محمد : من علمك إياها , و من اين احضرتها ؟
عبد لله : تعلمتها بنفسي ..
احضرتها , عندما ذهبت انت للدراسة ذهبت مع ابي ذات مره , للتجارة , و رأيت احد العامة يعزف بها و قايضته بكيس طحين ..
محمد : ماذا قلت ابي ؟
عبد لله : قلت له ان كيس الطحين , سقط في البحر
محمد يضحك
محمد : و هل صدق ذلك ؟
عبد لله : نعم
محمد : هل رآك تعزف بها ؟
عبد لله : نعم , آنبني كثيراً و قال انها عمل من اعمال الشيطان ..
محمد : حقاً ؟!
عبد لله : نعم , محمد لا اريد منك ان تتعلمها , كي لا يغضب ابي
محمد : لا اريد من الأخرين يغيروا ما اريد , انا حر , اليس كذلك ؟
عبد لله : خذ
ناول عبد لله محمد القيثارة
محمد : شكلها جميل !
كما قال ابي , انها حقاً عمل من اعمال الشيطان ..
و الأن ماذا ؟
عبد لله : انظر , انت تمسك بها خطأً , يجب ان تضعها على فخدك , أيها الأحمق , ثم هناك يدك اليمنى و اليسرى ..
اليمنى تقوم بصنع اللحن و اليسرى تصنع القالب , مثل السيارة , القدم اليمنى للوقود و المكابح و اليسرى لتغيير الغيار أي القالب ..
محمد : تشبيه جيد , لماذا لا تكون معلماً ؟!
عبد لله : كفاك , هيا
ظل محمد يمسك القيثارة , مركزاً عليها
محمد : عبد لله , ماذا افعل الأن ؟
كيف اغيـ..
الشاي ؟
لماذا شربته ؟
عبد لله : هل كان لك ؟
محمد : و لمن سيكون ؟
عبد لله : ظننته سقط من الشجرة ؟
محمد : هاها , مضحك جداً , لقد أحضرته عندما جلست مع أمي و عمتي و فاطمة ؟
عبد لله : فاطمة ؟
محمد : طلبت مني أن اخذ كوب الشـ..
عبد لله : هل هي من قدمت كوب الشاي لك ؟
محمد : هاه , نعم , اعني كلا , هي ناولتني إياه
عبد لله : خذه انا آسف , لم اكن
محمد : كلا كلا اكمله ليس إلا كوب شاي , لا يعني بالنسبة إلي أي شيء مطلقاً ..
عبد لله : هكذا اذا .
صب عبد لله ما تبقى من الشاي
عبد لله : لم يكن لذيذاً على ايه حال ..
محمد ( يضحك ) : هذا لأنك اخذت ما ليس لك !
عبد لله : هاه , حقاً
محمد : عبد لله خذ قيثارتك الشيطانية , جميلة و لكنها صعبة بعض الشيء ..
يضحك عبد لله , تناول عبد لله القيثارة , وضعها جنباً
عبد لله : محمد هل لي ان أسئلك امراً ما ؟
محمد : ما هو ؟
عبد لله : عندما دخلت إلى المنزل , و رأيت الناس .. كنت شاحباً , ما سر ذلك ؟
محمد : لا شيء , كنت متفاجئاً و فرحاً ..
عبد لله : لست كاذباً بارعاً يا أخي , اخبرتك مسبقاً ..
محمد : هاه .. في الواقع لا اعلم ..
عبد لله : محمد , هل انت تكره الأخرين ؟
محمد : كلا !
عبد لله : و لكنك تحمل الأخرين , آثماً ؟!
محمد : هاه , ليس الأمر كما تقول .. و لكن كنت اسأل نفسي ..
عبد لله : ماذا ؟
محمد : هؤلاء لم يأتوا لأجلي انا .. بل لأجل ابي .. فكما قلت الكل هنا يدعي , يجامل , ينافق
منهم من آتى ليهنأني و هو لا يعلم ما اسمي حتى !
عبد لله : و ماذا كنت انت تنتظر ؟!
محمد : لا شيء .. و لكن
عبد لله : ماذا ؟
محمد : لم يكن الأخرون يكترثون بشأني .. كنت نكرة .. انت من صنع لي موطئ القدم , كنت اتبع ظلك فقط ..
عبد لله : انا لم افعل لك شيئاً .. !
محمد : وجودك كان كافياً .. و لكن الناس هنا يهنؤوني و انت لم يذكر اسمك حتى !
عبد لله : انا لا اريد أي من هذا ..
محمد : ما الذي انت تريده ؟
عبد لله : ان تكون انت سعيداً !
محمد : انا كذلك
عبد لله : جيد .. و انت لا تتبع ظلي , انا من اصبح يفعل ذلك !
محمد : ماذا تقول ؟
عبد لله : لقد علمتني يا أخي ما معنى الصداقة , بخالد , لقد علمتني ما معنى الاكتفاء , ما معنى الحب و الاخلاص و التفاني , ما معنى الغاية و الهدف .. ما معنى النجاح !
محمد : و ما هو النجاح ؟
عبد لله : انت اخبرني ؟
محمد : الدراسة و الزواج ؟
عبد لله : مخطئ تماماً !
محمد : ماذا اذا ..
عبد لله : الكفاح لتحقيق اهدافك هو النجاح , الإخلاص و الوفاء و النضال لتحصل على من تحب ..
و ليس العمل أو الوظيفة او الزواج من امرأة جميلة .. هو النجاح ..
ان تكون ناجحاً هو انت تكون انساناً .. لا يزال انساناً حياً , و ليس جثة تضرب بالأرض مدعية الإنسانية حتى تصل للقبر..
انت تكون نقياً جداً ..
يوماً ما , ستدرك ما هو نجاحك الحقيقي !
محمد : أوافقك في هذا ..
عبد لله : هل تريد ان تسمع لحناً أنا ألفته ؟
محمد : نعم ..
عبد لله يعزف بالقيثارة , يخرج محمد من جيبه جوالاً
عبد لله : ماذا تفعل ؟!
ما هذا ؟
محمد : اسجل عزفك
عبد لله : تسجل ماذا ؟
محمد : عزفك !
عبد لله : هل يمكنك فعل ذلك بهذا الشيء ؟
محمد : نعم !
عبد لله : اهو مسجل او ماذا ؟
محمد : هذا هاتف
عبد لله : هاتف ؟
محمد : نعم
عبد لله : انه صغير جداً , و ليس كهاتف ابي الكبير
محمد : هذا التقنية لم تصل بعد إلى هنا
عبد لله : غريبة !؟
محمد : احضرت لك واحداً !
عبد لله : ماذا افعل به ؟!
محمد : تستطيع ان تحادثني
عبد لله : حقاً !؟
محمد : نعم , انها مرتبطة بشبكة خارجية
عبد لله : شبكة !؟
محمد : نعم , كجهاز لأرسال الذي لدى ابي ..
عبد لله : أرى ذلك !؟
محمد : لا عليك ستعتاد عليه , سأعطيك إياه بشرط , ان تعلمني على العزف !
عبد لله : هاه ؟!
بدأت ترث صفات ابيك ؟!
محمد ( يضحك ) : أليست مقايضة عادلة ؟!
عبد لله : تريد ان تتعبني معك , هاه ؟
لا شيء يأتي بالمجان !
محمد ( يضحك ) : كلا , كلا
عبد لله : قبلتها , اعطيني جهاز ارسالي الصغير
محمد : خذه
عبد لله : قلت استطيع محادثتك اذا ؟!
محمد : نعم ..
عبد لله : أي وقت اريده !؟
محمد : نعم ..
عبد لله : و هل هذا بالمجان !؟
محمد : لا تسأل , حتى لا تتعقد عليك الأمور اكثر من هذا !
عبد لله : اذا كل ما يجب علي ان اعلمه انا هذا هاتفي !
محمد : نعم ..
عبد لله : و لكن لماذا لا تهديه لفاطمة ؟!
لتتحدثا معاً ؟!
محمد : هوه ؟!
لا , لا , عندما اتزوجها سأحدثها وقت ما اشاء
عبد لله : هاه .. لست مستعجلاً اذا ..
محمد : ليس إلى تلك الدرجة ..
عبد لله : أرى ذلك
محمد : عبد لله , هل انت صادق مع نفسك ؟!
عبد لله : لا اعلم , و لكنني احب ان اصدق ذلك , و انت ؟
محمد : لا اعلم !؟
عبد لله : هل انت الأن امرٌ لا تريده ؟!
محمد : لا اعلم , ما اريد حتى ؟
عبد لله : ستأتي اللحظة التي تعلم فيها ما تريد , قد يكون امراً واحداً و لكنه كفيل ان يكون كل شيء بالنسبة اليك ..
محمد : اعتقد انك محق
عبد لله : انا دائماً محق !
محمد ( يضحك ) : هاه , حقاً ؟!
عبد لله : الا ترى ؟!
كنت في طفولتي أدعى , المحق دوماً .. !
محمد : كفاك هراءً !
عبد لله : انت لم تكن مولوداً , لذلك انت لا تتذكر !
محمد : ماذا , هل عمرك سنتين , كنت تتحدث و تلقب بالمحق ؟
دوماً !؟
عبد لله : هذه لم احسب حسابها .. ؟!
محمد ( يضحك ) : كم انت سخيف حقاً !
عبد لله : انت السخيف , محمد هيا لنعد للمنزل الأن ..
محمد : هيا , لم اشعر بالوقت حتى
عبد لله و محمد , يعودان للمنزل , من الباب الخلفي , يدخلان المنزل , فاطمة تخرج من غرفة المعيشة مع أمها
أم محمد : و داعاً , سلمى
تنظر فاطمة لعبد لله و محمد , الذي يضع يده اليمنى خلف رأس عبد لله و يحاول خنقه , عبد لله يضحك و من ثم يلحظ فاطمة و أمها , فيعتدل و يضع القيثارة خلفه , فاطمة تحدق عليهما , محمد ينظر لفاطمة
أم محمد : وداعاً ابنت اختي
فاطمة ( و هي تنظر لمحمد و عبد لله ) : وداعاً عمتي
تنظر أم محمد لمحمد و عبد لله
أم محمد : هما انتما هنا ؟!
سلمى : عبد لله ؟!
اين انت لم ارك منذ زمن !؟
عبد لله : عذراً عمتي , كنت منشغلاً في الآونة الأخيرة..
أم محمد : محمد هيا اذهب و أوصل عمتك منزلها , تأخر الليل
محمد : حسناً امي , عبد لله هيا لتأتي معي
عبد لله : انا , ربما ..
محمد : هيا اريد ان آتنس بك في الطريق العودة
عبد لله : كما تشاء ..
سلمى : هيا اذا أيها الشابان
خرج محمد و عبد لله , يسران في المقدمة و خلفهما سلمى و فاطمة
محمد ( بصوت منخفض ) : عندما نعود للمنزل ستعلمني العزف , و الا اخذت جهازي
عبد لله : حسنا , حسنا ..
او من افضل خذ جهازك الملعون , ازعجتني به انا لم ابدأ بتعلميك حتى ؟!
محمد : لا يمكنك ان تتراجع عن المقايضة ..
عبد لله : ماذا ؟!
محمد : نعم , الم اخبرك بذلك قبلاً ؟!
عبد لله : كلا لم تخبرني .. !
فاطمة : عبد لله ؟
عبد لله : نعم , فاطمة ؟
فاطمة : كنت تحمل شيئاً ما هو ؟
عبد لله : لا شيء مهم ..
فاطمة : ما هو بالتحديد ؟
عبد لله : انها ألة تصدر انغام ..
فاطمة : أنغام ؟
عبد لله : نعم
فاطمة : امر عجيب ؟!
كيف تفعلها بالضبط ؟
عبد لله : تحرك كلتا يديك بنسق معين ..
فاطمة : هل لك ان ترينا في يوم من الأيام الأنغام ؟!
عبد لله : اعتقد اني لا استطيع فعل ذلك , اعتذر ..
فاطمة : لماذا ؟!
ينظر محمد لفاطمة
محمد : لا عليك يا فاطمة , سأتعلمها , و سأريك الأنغام
فاطمة : حقاً ؟!
محمد : نعم ..
فاطمة : و لكنك مبتدئ , عبد لله قد يكون افضل منك ؟
عبد لله : و قد يستغرق منه دهراً حتى يتعلمه !
محمد : لماذا ؟!
و كأنكما خططتما معاً لقول هذا ؟!
فاطمة تضحك
سلمى : لقد وصلنا , شكراً لكما
عبد لله : لا عليك , يا عمتي ..
محمد : وداعاً عمتي
سلمى : وداعاً
فاطمة : مع السلامة محمد , و مع السلامة عبد لله
عبد لله : مع السلامة
محمد : مع السلامة
يعود محمد و عبد لله للمنزل , في اليوم التالي , يخرج محمد , بعد لحظة
محمد ( حوار داخلي ) : لقد اشتقت إليك , انا اعلم جيد اين انت , لست بحاجة لأبحث عنك حتى !
فأنت .. هنا !
يشير محمد لمنزل قديم , يدخل محمد المنزل , امامه غلام
محمد : خالد ؟
خالد : محمد ؟!
ما هذا ؟!
سحقاً !
محمد ( يبتسم ) : نعم , لقد عدت , بالأمس ..
خالد : لقد عدت اذا ؟!
اخيراً !
محمد : لم يتغير هنا أي شيء ؟!
خالد : كلا , لا يزال كل شيء كما تركناه ..
كيف عثرت علي ؟!
محمد : و اين ستكون الم تكن هنا ؟!
خالد : اظنك محقاً , هيا تعال اجلس
محمد : حسناً
يجلس محمد
خالد : كيف هو حال عبد لله ؟
محمد : بخير , هل رأيت ألته الجديدة ؟
خالد : بدعة الشيطان ؟
محمد ( يضحك ) : نعم , هي !
خالد ( يضحك ) : نعم , لقد رأيتها !
لا تفارقه مطلقاً ..
محمد : اظنه مهووس بها ..
خالد : نعم , كما كنت انت مهووساً بنثرك ..
محمد ( نبرة هادئة ) : نعم , نلك الفوضى ..
خالد : فوضى !؟
محمد : اعتقد انها ليست سوى ترهات , هذياني الاعتيادي ..
خالد : ليست كذلك , بالنسبة إلي ..
محمد : حقاً ؟!
خالد : نعم !
محمد يقلب حجراً في يده
محمد : و لكنني كنت مخطئاً
خالد : في ماذا , بالتحديد ؟!
محمد : ربما , في كل شيء ..
خالد : ماذا تعني ؟
محمد : لا عليك ..
يطرق خالد رأس محمد
خالد : امرك غريب , هي انت الذي بداخل هيا اخرج و دع صديقي و شأنه !
محمد يضحك
محمد : حقاً انك صديق جيد !
خالد : نعم , انا كذلك , افضل منك حتى !
محمد : ليس إلى تلك الدرجة .. انا افضل منك بقليل .. !
خالد : ها حقاً ؟!
محمد : خالد , هيا لنتمشى في القرية قليلاً ..
يخرج محمد و خالد , في الطريق
محمد : لقد تغير الكثير هنا !
خالد : و لكن لا يزال الناس هم , لم يتغيروا , اتعلم ماذا فعل سعيدان مؤخراً ؟!
محمد : ماذا ؟!
خالد : قام , بوضع الكثير من الشوك امام منزل السيخ مسعود ؟!
محمد : محال ؟!
خالد : نعم , فعل ذلك , اتعلم لماذا ؟!
محمد : لماذا ؟!
خالد : لأنه قال في خطبة الجمعة , ان الله حرم الخمر و الزنا , سعيدان لم يتفق في ذلك مع الشيخ مسعود
محمد يضحك , " ذلك المعتوه ! " , صوت صراخ
محمد : ما هذا ؟
خالد : انه عبد الرحيم , ابن التاجر راشد !
محمد : الا يركل كيساً !؟
خالد : ذلك ليس كيساً , انه مسلم المجنون !
محمد : ماذا ؟!
تقدم محمد فأمسك عبد الرحيم من يده اليسرى
محمد : توقف !
عبد الرحيم : و من انت ؟!
هيا اذهب من هنا , لا شأن لك !
محمد : دعه !؟
عبد الرحيم : قلت لك لا شأن لك !
هيا اذهب , و إلا سأصنع بك المثل
يمسك مسلم - شاب مجنون يناهز عمر محمد و عبد الرحيم - قدم محمد
مسلم : لقد ضربني , لا تدعه يضربني !
عبد الرحيم : لقد سب ابي !
محمد : اذاً احمل شكواك للشيخ مسعود !
عبد الرحيم : انصت , ليس بالأمر الكبير , فقط اذهب و كأنك لم ترى شيئاً ..
محمد : انصت إلي انت , هل تريد ان اركل وجهك ؟
عبد الرحيم : ماذا ؟!
خالد : محمد ؟
عبد الرحيم : خالد , هيا اذهب و انت و هذا المعتوه !
خالد : كلا , انا من سيركل وجهه !
عبد الرحيم : لن انسى هذا .. سأدعكما هذه المرة فقط
يذهب عبد الرحيم , يمسك محمد يد مسلم
محمد : هيا قف ..
مسلم : اتريد من انظف نعلك ؟
محمد : كلا اريد منك فقط ان تقف , اذهب للمنزل و لا تعد لشتم الأخرين
مسلم : ان شاء الله , عمي
محمد : لست عمك
مسلم : ان شاء الله , عمي
محمد : هيا اذهب و إلا ركلت وجهك انت ايضاً !
مسلم : ان شاء الله , عمي
محمد : تباً !
يمسك خالد محمد
خالد : دعه , دعه , الم تكن تدافعه عنه قبل قليل !
مسلم هيا اذهب من هنا
يذهب مسلم
خالد ( يضحك ) : كم انت سخيف , يا محمد
محمد ( يضحك ) : لم اكن اعني ضربه
خالد : أرى ذلك , و لذلك انت متشمر ؟!
محمد : هيا اخرس
خالد : حسنا , حسناً , هيا لنذهب
يكلمان مسيرهما
محمد : هيا لنذهب إلى الشاطئ , هناك امر اريد رؤيته
خالد : حسناً
بعد لحظة
خالد : ها قد وصلنا , ماذا تريد ان ترى ؟
يشير محمد لعبد لله
محمد : ذاك !
خالد : عبد لله ؟
محمد : نعم !
هيا لنذهب إليه
اتجه محمد و خالد لعبد لله
محمد : عبد لله ؟
عبد لله ( نبرة جافة ) : هاه , محمد , خالد ؟
محمد : نعم .. عبد لله , ما به صوتك ؟
عبد لله : لا شيء
محمد : لا شيء ؟!
هناك امراً , قل لي , ما هو !
ينظر عبد لله لمحمد , و من ثم لخالد , ينظر خالد لعبد لله
عبد لله : قلت لك لا شيء !
تباً ..
محمد : حسناً
عبد لله : اراكما اجتمعتما , معاً
محمد : نعم , و كيف لا !
عبد لله : محمد , هيا عد للمنزل
محمد : سنعود معاً !
عبد لله : كلا , اريد ان ابقى وحيداً بعض الشيء
محمد : أرى ذلك , حسناً , خالد هيا لنذهب
في الطريق العودة
خالد : محمد بماذا تفكر ؟
محمد : عبد لله ؟
خالد : انا اعلم ما به عبد لله ..
محمد : ماذا ؟!
خالد : محمد , هل نسيت امر اخي هيثم ؟
محمد : كلا !
خالد : عبد لله , لم يسامح نفسه منذ ذلك اليوم !
محمد : محال !؟
مضى على موته ست سنين !
خالد : هيثم , كان صديقه الحميم , مثلما نحن ايضاً
محمد : انا مغفل , و كيف اريد منه ان ينساه !؟
خالد : نعم , هيثم , هو من انقذه من الغرق .. تماماً في المكان الذي يجلس فيه الأن عبد لله , ارجح انه ينتظره هناك ..
محمد : يا إلهي ..
خالد : عبد لله , لم ينسه ..
محمد : لم يخطر على بالي ذلك
خالد : انت تحب شخصاً ما , يجب ان تتحمل عواقب ذلك , ايضاَ
محمد : و لكن , يجب على الأنسان , ان يحاول ان يغير الذكريات الحزينة و يخلق لنفسه , ذكريات جميلة , الحياة لن تتوقف !
خالد : بالنسبة إليه , هي متوقفة !
محمد : أتمنى ان ينسى ما حصل .. و لكن لا اظن انه سيفعل ذلك ..
خالد : عندما غرق اخي , حمله عبد لله , و حام به ارجاء القرية باكياً , صارخاً , طالباً العون , حتى وصل لباب منزلنا , حينها سمعت بكائه و خرجت, لأرى اخي , جثةً قد فارقتها الحياة ..
محمد : يا إلهي
خالد : و لكنني لم اكن الحقد لأخيك .. ما حصل كان مقدراً ..
محمد : نعم
خالد : الحياة لن تتوقف , لا تفعل ذلك
محمد : نعم ..
خالد : ان تخسر شخصاً غالياً , شعور مؤلم ..
تسقط دموع خالد
محمد : هون على نفسك
خالد : اعذرني .. لكن عندما أتذكر وجه عبد لله في ذلك اليوم .. كان تعيساً .. و لكننا نسير على الأمر مقدمين , نحاول ان ننسى .. و سيفعل ذلك عبد لله , يوماً ما ..
محمد : أتمنى ذلك
خالد : ها قد وصلنا
محمد : و داعاً خالد
خالد : إلى الوداع
يدخل محمد المنزل , ينظر للشمس
محمد ( حوار داخلي ) : من كان يظن , عبد لله , ذلك الشخص المغفل الضاحك , يحمل في صدره هذا الحزن ؟!
لم يبح لي مطلقاً عن هذا ؟!
كيف نسيت امر هيثم !؟
ربما , ظننت انه نسى ما حصل , كما فعلت انا !
سحقاً !
الحياة امرٌ قاسٍ !
التعديل الأخير تم بواسطة mohammed alsiabi ; 08-10-2014 الساعة 04:55 AM