الموضوع
:
التّحرُش الجنسيّ آفة تهلك بالمُجتمع.
عرض مشاركة واحدة
#
1
08-09-2014, 10:58 PM
★ N ơ Va
★ N ơ Va
مشاهدة ملفه الشخصي
البحث عن المشاركات التي كتبها ★ N ơ Va
[ طوبَى للغربآءْ ]
معلومات
الجوائز
الإتصال
رقـم العضويــة:
89629
تاريخ التسجيل:
Apr 2011
الجنس:
المشـــاركـات:
6,425
نقـــاط الخبـرة:
2748
الأوسمة
التّحرُش الجنسيّ آفة تهلك بالمُجتمع.
من نتائج ضعف الوازع الديني في نفوس الكثيرين وانحسار
أثره فيها ، ما فُوجئت به المجتمعاتوخاصة الإسلامية بين الفينة والفينة من مظاهر ذلك وتداعياته ، والذي تظهر
آثاره في انتشار مقاه (الإنترنت) ونواديه ، وانكباب الجنسين في
هذه المقاهي والنوادي وغيرها علي اتصال أفراد كل جنس بأفراد الجنس الآخر عن طريق ما يُسمي "chattig"
الذي يعدُّ نوعًا من التحرُّش الجنسيبين مَنْ يستخدمونه ، أو الدخول إلي المواقع التي تبث أو تعرض صورًا لا يحل مشاهدتها ، وغير
ذلك مما أتاحته شبكة (الإنترنت) هذا فضلاً عمّا يفعله بعضهم من مطاردة النساء في مواضع تجمعهن ، كالأسواق
أو معاهد العلم ومدارسه ، أو المشافي أو المصالح
الحكومية أو الدواوين وغيرها ، والتي تصل في بعض الأحيان إلي حد إسماع الأنثى كلمات الغزل ، أو وصفها بأوصاف بغية لفت
انتباها ، أو تضييق الطريق عليها ، سواء أكانت تسير مُترجلة أم راكبة بمفردها مع غيرها ، وإلقاء البطاقات التي تحمل
أرقام الهواتف بداخل السيارة ، أو ملاحقتها بسيارته لإرباكها وإجبارها علي التوقف
إن كانت تقود السيارة ، أو إكراها بذلك علي السير في الطريق
الذي يريدها أن تسلكه ، ونحو ذلك ، وكل هذا حادث ويحدث ويتجدد حدوثه ، ونظرًا إلي انشغال الناس بأمورهم الخاصة
وانكفائهم علي ذواتهم ، وعدم القيام بواجب الأمر بالمعروف وإنكار المنكر ، استفحل هذا المنكر بدرجات متفاوتة
في المجتمعات الإسلامية ، ولما كان الغالب هو تحرش الذكور بالإناث فإني
أتناول في هذه العجالة أسباب ذلك ، وتداعياته ،
وحكمه ، والسبيل إلي الإقلاع عنه .
التحرُّش
: هو التحكُّك والتعرُّض
والتحريش
: هو الإغراء بين الناس
والحَرْش والتحريش
: هو إغراء الإنسان والأسد ليقع بقرنه
وحَرّش بينهم
: أفسد وأغري بعضهم بعضًا
والحرش والاحتراش تهييج الضبَّ في جحره ليُصاد
يُقال : حرش الضبَّ يحرشه حرشًا صاده ، والاحتراش في الأصل هو الجمع والكسب والخداع ، ومن ثم فإن
تحرش أحد الجنسين بالآخر يُراد به إتِّباع الحيلة والخداع للإيقاع به ونيله .
إن لتحرُّش الذكور بالإناث أو العكس ( نادراً ) أسبابًا عدة ، يمكن إجمالها فيما يلي :
1ـ غياب الوازع الديني أو انحساره من النفوس :
لا يخفي علي أحد انحسار الوازع الديني في نفوس الكثيرين ، ليحل محله اللهث وراء ماديات الحياة ، واستجلابها من
وجوهها المشروعة وغير المشروعة ، بحسبانها في نظر بعضهم وسيلة إشباع الحاجات ، المتنامية
بتنامي وجوهها الْمُعلَنْ عنها بوسائل الإعلام فضلاً عن استيراد ثقافة غير المسلمين وتبنِّيها ، سواء أكانت
وافقت أحكام الشرع أم خالفته ، والانبهار بما وصلت إليه الدول المتقدمة من حضارة ورقي ، وترسم أخلاق
أهلها ومبادئ سلوكهم والتأسِّي بهم فيها ، بحسبان ذلك وفق ما يري بعضهم هو
سبب تقدمهم ورقيهم ، وقد جرَّ هذا وما يزال
علي المسلمين الشر كله .
ـ الفراغ :
لقد قيل :
إن الصحة والفراغ والجدَة
مَفْسَدة للمرء أي مُفْسِدَة
ولا يستغرب أن يكون الفراغ من الأسباب التي تدفع بعضهم إلي التحرش بالنساء ، فإن المرء إذا كان له من العمل ما يشغله
جل وقته أو بعضه ، فإنه لن يجد متسعًا من الوقت لمجرد التفكير في التحرش بهنَ ، فضلاً
عن ملاحقتهن في أماكن تجمعهن ، أو محاولة الاتصال بهنَ ، أو غير ذلك من وجوه التحرش ، وأما من لا تشغله
هموم الحياة ولآلأؤها ، وتوافرت له سُبل الحياة الرغدة وخلَت حياته من المنغصات كما خلت
مما يشغله ، فإنه لا يفتأ يتفكَّر فيما هو منجذب إليه بحسب طبيعته وجبلته ، وهو النساء تدفعه شهوته البهيمية
ونزواته إلي محاولة التحاور معهنّ ، وتحقيق نوع من العلاقة بهنّ تملأ
فراغ حياته وتسد جانبًا من الجوانب الخاوية فيها .
3ـ فقدان الاهتمامات النافعة :
إنّ فقدان الاهتمامات النافعة لكل ذي طاقة ، يترتب عليه إفراغها فيما لا يفيد ، ولذا فإن واجب المرء أن تكون
لديه اهتمامات يملأ بها فراغه ، كالاطِّلاع علي ما ينفع ، أو ابتكار أو تطوير ما يعود عليه وعلي غيره بالنفع ، أو الاشتغال بعمل
أو حرفة أو صنعة أو علم أو رياضة ، أو نحوها من الشواغل النافعة ، ولذا فإن انعدام هذه الشواغل
أو الاهتمامات لدي البعض يكون باعثًا إلي تحويل طاقته إلي
اللهو والعبث ونحوهما ، ومنها ذلك التحرُّش .
ـ غياب دور الأسرة :
لا يخفي أن علي الأسرة دورًا فاعلاً في تأسيس الخلق القويم في نفوس المنتمين إليها ، إضافة إلي إحكام الرقابة
عليهم ، لتبين ما إذا كانوا يمارسون هذا الخلق في الواقع أم أنهم يتنكبون عليه ، فلما انشغل القائمون
علي أمر الأُسرة في اهتمامات أُخرى : كتدبير أسباب العيش لأفرادها أو أسباب الرفاهية لهم ، غاب دور الأسرة في توجيههم
ومراقبة سلوكهم ، فكان من الطبيعي أن يمارس بعض أفرادها ما يشاءون من سلوك ، ولو كان
فيه منافاة لوازع الدين والأخلاق ، وهم في مأمن من أن
يحاسبهم أحد أو يعلم بممارساتهم .
5ـ عدم وجود منكر لهذا السلوك أو عدم احترامه :
إنّ طابع الحياة صبغ الناس بصبغة الانكفاء والاهتمام بشئونهم الخاصة ، من دون نظر أو اهتمام بسلوك
الآخرين ، فالناس في زماننا لا يلوون علي شيء إلاّ إذا دعت إليه حاجتهم الخاصة ، وقد كان لهذا الانكفاء أثره في ضمور
أو انعدام مساحة إنكار المنكر ، فلم يعد لدي الكثيرين من الوقت ما ينكرون فيه منكرًا ، لما يقتضيه
ذلك من الاستفصال من فاعله عن مدي معرفته لحقيقة ما يفعل ، وبيان وجه المنكر
في فعله أو قوله أو سلوكه ، ثم زجره عنه ، وهذا يقتضي المزيد من الوقت لإقناع فاعل المنكر بحرمة ما أقدم ويقدم
عليه ، وزجره عن استمرائه أو الاستمرار فيه ، ولا يجد الكثيرين متسعًا من الوقت لذلك ، وربما لم يجدوا رد
فعل لإنكارهم إلاّ الاستهزاء والسخرية من فاعله ، مما يجعل بعضهم يكف
عن الإنكار ، أو يجد أنه لا جدوى من إقناعه بالكف عمّا هو فيه ، والنتيجة
في الحالين واحدة ، وهي استمرار فعل المنكر .
6ـ البطالة المقنعة وغير المقنعة :
لا ينكر أحد انتشار البطالة بين قطاع كبير من الناس وإن كانت نسبته متفاوتة من بلد إلي آخر ، ومن إفرازات
هذه البطالة التسكُّع في الطرقات وغيرها لقتل الوقت وعدم التفكير في مصاعب البحث عن
العمل ، بل إن من الموظفين من يجد لديه وقت فراغ طويل ، قد يمتد من بداية الدوام إلي نهايته ، فيجتهد في ملء هذا
الفراغ ، إما بالخروج من مكان العمل إلي الأسواق أو الشوارع ، أو نحو ذلك من أمور إلي
أن ينتهي وقت الدوام ، وقد يكون التحرش بالنساء في مجال العمل أو خارجه هو أحد اهتماماته
لتمضية الوقت ، والقضاء علي الملل.
7ـ الكبت العاطفي في محيط الأُسرة :
لا يغفل دور الكبت العاطفي في محيط الأُسرة في تفشي ظاهرة التحرش الجنسي ، فإن عاطفة الحب والحنو
والرحمة والاهتمام والحميمية التي تربط بعض الأفراد ببعض ، إن لم تجد متنفسًا لها داخل
الأسرة ، بحث من يعانيها عن متنفس لها خارج الأسرة ، لأن هذا هو البديل من وجهة
نظره في تعويض ما يعانيه من تجاهل أفراد أسرته له ، ليجد هذا في صديق أو جار أو زميل دراسة أو عمل
أو شخص عابر ، وربما بحث عن امرأة أملاً في
أن يجد عندها ما افتقده في أُسرته .
8ـ عدم توجيه المال الذي يحوزه المرء الوجهة الصحيحة :
إنّ كثرة المال مفسدة كقلّته ، ولذا فإن الملاءة في حق بعض الناس شر محض ، إذا استغلت في غير ما يعود عليه بالنفع ، ولذا
فقد يجد بعضهم أن كثرة المال معه لا حاجة إلي استغلالها فيما يشغل وقته ويعود عليه بالنفع ، ومن ثم
فإن قناعته أن ينفقها في عبثه ولهوه وملذاته من دون
تدبُّر لمغبَّة سلوكه.
9ـ عدم وجود الأنشطة الجماعية :
من أسباب التحرش الجنسي انعدام أو ندرة الأنشطة الجماعية ، التي تخلق الاهتمامات المشتركة وتمتص كثيرًا من
وقت الفراغ ، كالاهتمام بنظافة البيئة وتخليصها من كل ضار ، أو الاشتراك في الرحلات الكشفية أو الصحية
أو التثقيفية ، أو الارتياض الجماعي بنوع من الرياضات البدنية أو الذهنية أو نحوها.
10ـ انعدام أو ندرة البرامج الهادفة في وسائل الإعلام :
إنّ الغالب علي وسائل الإعلام وخاصة في دول العالم الثالث ، هو إلهاء الناس بقضايا عَبَثيّة مقصودة ومخطط لها سلفًا
تخطيطًا دقيقًا ، لإشغالهم بها عن الفساد الذي باض وفرّخ في أرجاء بلادهم ، فوسائل الإعلام في هذه الدول
علي اختلاف توجهاتها إلاّ ما نَدَر ، إنما تعني بما يضمن استمرار رسالتها وإن لم تقدم جديدًا يُثري
الفكر أو يطوّر منه ، وكل هذا يصبُّ في الجانب السلبي لاهتمامات المخاطبين بها ، فتكون النتيجة
انصرافهم عنها وانشغالهم بأمور قد لا يكون
فيها نفع لهم .
11ـ الكثرة الكاثرة للفضائيات التي رسالتها علي إثارة الغرائز :
لا ينكر دور التلفاز كوسيلة إعلامية تقتحم علي الناس بيوتهم شاءوا أم أبوا ، وخطر هذا الجهاز وقوّة تأثيره في مشاهديه
علي اختلاف مراحلهم العمرية وثقافتهم ، ومع ما ألمحنا إليه في السبب السابق نجد غلبة الفضائيات
التي تثير برامجها الغرائز ، وكثرة تنوع ما تبثه منها ، ومع انعدام الرقابة الأسرية يرقب هذا البث
من يريده من أفراد الأسرة ، فيتأثر به ، يُضاف إلي هذا أن بعض مذيعات ومُقدمات البرامج في فضائيات البلاد الإسلامية ، لا
يلتزمن في مظهرهنّ بأحكام الإسلام ، إمّا نهجًا لهنّ ، أو لفرض التبرُّج
عليهنّ كشرط لمزاولة العمل ، وهذا وذاك
يلقي بآثاره علي المشاهد .
12ـ غياب الوعي الديني السوي في مخاطبة الناس :
في ظل الأوضاع المتردية في بلاد الإسلام أو التي يوجد فيها مسلمون ، نجد أن الخطاب الديني فرضت عليه
رقابة صليبية صهيونية ، ولذا فلا عَجَب أن نجد صرامة الرقابة علي ما يُبَثُّ أو يُنشر من هذا الخطاب الآن ، وصار ما يصل إلي المشاهد
أو القارئ أو السامع هزيلاً في مادته مشوشًا في محتواه ، يغلب عليه الاختزال والبتر حتى لا يؤذي
أحدًا ممن وضع نهج هذا الخطاب ، وإذا كان الناشئة من الجنسين لا يجد بغيته من الثقافة الدينية في
المحتوي الهزيل للكتب الدراسية ، فإنه لا يجد بغيته كذلك لدي الدُّعاة ألمكممي الأفواه ، أو
مواقع (الإنترنت) التي ليس في مقدور كل أحد أن يُبحر في بحرها المتلاطم الأمواج ، نظرًا إلي
تنوّع الفكر واختلاف التوجه ودس السم أحيانًا في العسل ، ولذا قد
يضل الكثيرون في مواقعه فلا يهتدون .
13ـ الضغوط الاجتماعية في الأسرة أو المجتمع :
إن وضع القيود والعراقيل أمام راغبي الزواج من الجنسين له تداعياته علي الأسرة والمجتمع ، وإذا لم يجد أي منهما سبيلاً
مشروعًا إلي التنفيس عن غريزته ضل طريقه ، ولم يأبه لقيم أو أخلاق
مجتمعه ، فأفضي ذلك إلي مالا تحمد عقباه .
14ـ فقدان القدوة واضطراب معاييرها :
لا يغفل تبدُّل القُدوة في زماننا ، فقد كانت القدوة والمثال من قبل في أهل العلم والدين والخلق الكريم ، وصارت
في زماننا لغيرهم ، ومَن صاروا موضع قُدوة الكثيرين يغلب عليهم عدم الالتزام بأحكام الإسلام ، ولذا فإننا
نجد تهالك الناشئة علي ترسُّم خطوهم ، في اللباس والهيئة
والسلوك والنهج والحرفة والشهرة .
15ـ تبذُّل بعض النساء وإغرائهنَّ مَن يتحرّش بهنَّ :
إنّ المرأة قد تدفع الرجل إلي التحرُّش بها ، إذا كان في هيئتها أو مشيتها أو كلامها ، أو الموضع الذي تسير به أو الوقت
الذي تخرُج فيه ، ما يدفعه إلي ذلك ، ولم يحدث في الواقع أن تحرش أحد بامرأة ملتزمة بتعاليم الإسلام
عند خروجها لقضاء حاجتها أو لمزاولة عمل مشروع ، وإنما كل حالات التحرش
تقع لمن كانت غير ملتزمة بهذه التعاليم.
من التداعيات الأخلاقية والاجتماعية المترتبة علي التحرش الجنسي : الإضرار بأمن المجتمع ، وشيوع الفساد
بين أفراده ، والوقوع في الفاحشة وما ينجم عنها من مفاسد ، وتلويث سمعة الأُسر ، وانتشار
قيم جديدة غريبة عن المجتمع المسلم ، وتفشي الظواهر الإجرامية فيه ، من خطف النساء أو اغتصابهنّ أو إيذائهنّ أو النيل
منهنّ أو من ذويهن ، وانتشار العنف ، وكثرة الحوادث المرورية ، وقطع الطريق علي الناس ، وعدم
تمكُّن النساء من مزاولة أعمالهن أو الخروج لحوائجهن ، وزيادة حالات العنوسة
والطلاق بسبب الشك في سلوك المرأة نتيجة لهذا التحرش .
لما كان الغالب من أنواع التحرش ما يقع من الرجل علي المرأة ،
فإنني أُبيِّن هنا حكم التحرش بحسب الغالب من أحواله ، وإن
كان نفس
الحكم يصدق في حق ا
لحالات الأُخرى ،
مع اختلاف العبارة تَبَعًا لنوع فاعله
، والتحرش
بالنساء يشتمل علي جوانب عدّة ، محظورة شرعًا ،
بحسب نوع
التحرُّش ووسيلته ومآله ،
إذ إن فيه ما يلي :
• النظر إلي امرأة لا يُحل النظر إليها :
اتفق الفقهاء علي حرمة نظر الرجل إلي المرأة الأجنبية عنه لغير ضرورة أو حاجة ، يدل له ما يلي :
1ـ قول الحق سبحانه وتعالي :{قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ} 23 سورة النــور ، حيث أمر الحق
سبحانه المؤمنين بغضّ أبصارهم ، والأمر بغض البصر فيها يفيد الوجوب لأنه حقيقته ، و{ مِنْ} في الآية للتبعيض ، وإليه
ذهب جمهور العلماء الذين بيّنوا الْمُراد بهذا التبعيض ، فقالوا : المعني هو غضّ البصر عمّا يُحرم ، والاقتصاد
به علي ما يُحل ، وقيل : وجه التبعيض أن تُعفي للناظر أول نظرة تقع من غير قصد ، فالآية
الكريمة ، دالّة علي وجوب غضّ البصر عن النظر إلي المحرَّمات ، وتوجيه الخطابِ إلي المؤمنين
في الآية يتناول الذّكر والأُنثى منهم ، وحسب كل خطاب عام في القرآن الكريم ، فأفادت الآية حُرمة نظر الرجل إلي
ما يُعدُّ عورة من المرأة ، من غير ضرورة أو حاجة.
2ـ رُوي عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ ، أن رسول الله ـ صلي الله عليه وسلم ـ قال : ( إنّ الله كتب علي ابن آدم حظه
من الزني ، أدرك ذلك لا محالة ، فزني العين النظر ، وزني اللسان النطق ، والنفس تتمنّي
وتشتهي ، والفَرج يُصدِّق ذلك أو يُكذِّبه ) ، فقد أفاد الحديث أن العين تزني ، وزناها النظر إلي ما حرم الله تعالي
علي النّاظر ، قال ابن بطال : سُمِّي النظر زني ، لأنه يدعو إلي الزنا الحقيقي ، وقد دلَّ الحديث علي حُرمة النظر ، لأنه
ذريعة إلي تمنِّي النفس ما وقع عليه النظر ، وهذا يؤدي إلي ارتكاب الفاحشة .
3ـ روي عن علي ـ رضي الله عنه ـ ، أنّ رسول الله ـ صلي الله عليه وسلم ـ
قال له : ( يا علي لا تتبع النظرة النظرة ، فإنّ لك الأولي وليست لك الآخرة ) .
فقد نهي النبي ـ صلي الله عليه وسلم ـ عن تعمُّد النظر أو إدامته إلي الأجنبية عن الناظر ، وبيَّن أن المرء مؤاخذ عليها .
4ـ رُوي عن حذيفة ـ رضي الله عنه ـ أن رسول الله ـ صلي الله عليه وسلم ـ قال : ( النَّظرة سهم من
سهام إبليس مسمومة ، فمن تركها من خوف الله أثابه عز وجل إيمانًا يجد حلاوته في قلبه ) .
فقد أفاد أن نظر الرجل إلي المرأة الأجنبية عنه ، هي وسيلة الشيطان إلي قلبه للتعلُّق بها ، وأن مَن
تركها خوفًا من الله تعالي وجد أثرها في قلبه ، ما يدل علي حرمتها .
وإذا كانت هذه النصوص تدل علي حرمة نظر الرجل إلي المرأة الأجنبية عنه لغير ضرورة أو حاجة ،
فإن في التحرش الجنسي هذا النظر وزيادة ، فكان محرمًا
لاشتماله علي كثير من المحرمات مُفض إلي غيرها .
• التحدَّث مع امرأة أجنبية لغير حاجة أو ضرورة :
منع الفقهاء جميعًا تحدُّث الرجل مع المرأة الأجنبية عنه أو محاورتها لغير حاجة أو ضرورة ، الشابات منهنّ والعجائز ، بل
إن من الفقهاء من منعه مطلقًا ولو بالسلام أو التشميت عند العطاس ، لما يخشي
من الفتنة منه ، وكل ما يخشي منه ذلك منع منه الشارع .
فقد رُوي عن ربيعة قوله : لا يُسلم الرجال علي النساء ، ولا النساء علي الرجال ، ولا فرق في هذا بين الشوَّاب والعجائز منهنّ.
وحكي النووي عن فقهاء الكوفة أنهم لا يبيحون تسليم الرجال علي النساء الأجنبيات عنهم إذا لم
يكن فيهن محرم ، ورُوي عن أحمد أنه كره تشميت الرجل للمرأة الأجنبية عنه إذا عطست
ولو كانت عجوزًا لا يشتهي مثلها ، كما منع ابن القيِّم من تحدُّث النساء مع الرجال .
وقال ابن الجوزي : إذا خرجت المرأة لم تسلم علي الرجال أصلاً .
لحديث رفعه عطاء إلي رسول الله ـ صلي الله عليه وسلم ـ
قال فيه : ( ليس للنساء سلام ولا عليهنّ سلام ).
• الإساءة إلي سمعة الْمُتحرش بها وذويها :
إن التحرُّش بالأُنثى يتضمّن الإساءة إلي سمعتها ، وإفساد حياتها إن كانت زوج ، أو يُقلِّل الرغبة في الزواج منها إن لم
تكن متزوجة ، إضافة إلي ما يُسبِّبه ذلك من إساءة إلي أهلها وذريتها ، والإساءة إلي سمعة المجتمع
الذي يمارس فيه هذا السلوك ، بل الإساءة إلي الأخلاق التي ينبغي علي المسلمين
التخلق بها ، إضافة إلي خدش حياء مَن يري ذلك من أفراد المجتمع ، وذلك كله يمثل إضرارًا بالمرأة
وبمن تنسب إليهم ، وإضرارًا بزوجها وأولادها ، بل بأفراد المجتمع
بأسره ، وقد نهي الشارع عن الإضرار بالغير .
فقد رُوي عن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ ، أن رسول الله ـ صلي الله عليه وسلم
ـ قال : ( لا ضَرر ولا ضِرار في الإسلام ) .
كما أن من القواعد المقررة في الشريعة أن ( الضَرر يُزال ) ولا يمكن إزالة الضرر الذي يلحق بالمرأة وذويه
ا وأفراد المجتمع إلا باتخاذ كل ما من شأنه منع التحرُّش .
• الخلوة بامرأة لا تحل لمن يختلي بها :
إنّ التحرُّش بالأنثى قد يتخذ صورة إبعادها عن مواضع تجمُّع الناس ، حتى لا ينكر أحد علي المتحرِّش أو المتحرَّش بها ، أو
حتى لا يرقب الناس هذا السلوك فلا ينكرونه ، وقد يتخذ صورة الاختلاء بها عن طريق النت "chatting" ، ومن المعروف
أن هذه الدردشة يمكن تمارس بين رجل وامرأة من دون اطلاع عليهما من آحاد الناس ، وقد بيَّن
الفقهاء أو الخلوة المحرمة التي يترتب عليها المحظور ، هي اجتماع رجل وامرأة في موضع بحيث يأمنان فيه من
اطِّلاع الآخرين عليهما ، والمكان الذي يتم فيه الاتصال بالطرف الآخر عن طريق (النت) يمكن
أن يتحقق للطرفين فيه الأمن من اطِّلاع الآخرين عليهما ، ومن ثم فإنه يتحقق في الـ"chatting" الخلوة المحرمة ، والتي
يكون الشيطان فيها رائد الْمُختَلِيْن ، يُزيِّن لهما ارتكاب المعصية ، وذلك أمرٌ قد لا تحول دونه الحوائل ، إذا تواعد
الطرفان من خلال (الشّات) علي مُواقعة المحظور ، وقد يعرض من خلال (النت) صور
الطرفين ، فيراها الآخر ، وكل ذلك محرم ، لتحريم الشارع الخلوة بالأجنبية لما رُوي عن
ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ أن رسول الله ـ صلي الله عليه وسلم ـ قال : ( لا يخلون رجل بامرأة إلاّ ومعها ذو محرم ).
وما رُوي عن عامر بن ربيعة أن رسول الله ـ صلي الله عليه وسلم ـ
قال : ( لا يخلون رجل بامرأة لا تُحل له ، فإن ثالثهما الشيطان ، إلا محرم ).
ففيهما نهي عن اختلاء الرجل بامرأة ليست زوجة أو محرمًا له ، وهو يفيد تحريم ذلك ، كما حرم التحدث
مع المرأة الأجنبية عنه ، لما ذكرناه من قبل ، وحرم كذلك نظر أي من الجنسين لما يعد عورة من الآخر ، لما سبق ذكره
ولقول الحق سبحانه :{وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ
إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ} (31) سورة النــور .
حيث أمر المؤمنات بغض أبصارهن عمّا يحرم نظرهن إليه من الرجال الأجانب عنهن
ولما رُوي عن أُم سلمة ـ رضي الله عنها ـ :
( كنت عند رسول الله ـ صلي الله عليه وسلم ـ وميمونة ، فبينما نحن كذلك أقبل ابن أم مكتوم
فدخل عليه ، وذلك بعد ما أمرنا بالحجاب ، فقال رسول الله ـ صلي الله عليه وسلم ـ ( احتجبا منه )
فقلت : يا رسول الله أليس هو أعمي لا يبصرنا ولا يعرفنا ؟
فقال ـ صلي الله عليه وسلم ـ : ( أفعمياوان أنتما ، ألستما تبصرانه ).
كما حرم الولوج فيما يتذرّع به إلي مواقعة المحظور .
فقد روي النعمان بن بشير ـ رضي الله عنهما ـ أن رسول الله ـ صلي الله عليه وسلم ـ
قال : ( من وقع في الشُّبهات وقع في الحرام ، ومن اتقي الشُّبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه ، كالراعي
يرعي حول الحمى يوشك أن يواقعه ، ألا وإن لكل ملك حمى ، ألا وإن حمى الله في أرضه محارمه ) .
العبث واللهو بغير ما أحل الله :
إن التحرش بالنساء لهو ولعب ، وعبث لا فائدة تُرجي منه ، واللهو واللعب كله باطل إلا ما استثناه الشارع ، من لهو الرجل
مع زوجته ، وتأديبه فرسه ، وتعلمه الرمي بآلة القتال لما روي عن عقبة بن عامر ـ رضي الله عنه ـ أن رسول الله ـ
صلي الله عليه وسلم ـ قال : ( كل شيء يلهو به الرجل باطل ، إلا رميه بقوسه ، وتأديبه فرسه ،
ومُلاعبته أهله ، فإنهنّ من الحق ) (15) .
• الإخلال بأمن المسلمين :
إنّ التحرش بالنساء يتضمّن الإخلال بأمن المسلمين في طُرقهم ومجامع أسواقهم ودواوينهم وغيرها ، وذلك محرم ، لما
رُوي عن عامر بن ربيعة ـ رضي الله عنه ـ : ( أن رجلاً أخذ نعل رجل ، فغيّبها وهو يمزح ، فذكر لرسول الله ـ
صلي الله عليه وسلم ـ فقال ـ صلي الله عليه وسلم ـ : ( لا ترِّوعوا المسلم ، فإنّ روعة المسلم ظُلمٌ عظيم ) .
ورُوي عن ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ أن رسول الله ـ صلي الله عليه وسلم ـ قال :
( من أخاف مؤمنًا كان حقًا علي الله أن لا يؤمنه من أفزاع يوم القيامة ) .
الأوسمة والجوائز لـ
★ N ơ Va
لا توجد أوسمـة لـ
★ N ơ Va