السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
جزاك الله خيرا و وفقك لما يحبه و يرضاه
من الأقوال و الأفعال الصالحة
فالابتلاء موضوع مهم في حياة الفرد المسلم
كونه يتعلق بركن من أركان الإيمان و هو الإيمان بالقضاء و القدر
و ليعلم الإنسان أن منذ أن خلق هو في ابتلاء إلى أن يلقى الله
و أن ( كما قال ابن القيم رحمه الله):
( أنه سبحانه وتعالى إنما خلق السموات والأرض وخلق الموت والحياة وزين الأرض بما عليها لابتلاء عباده وامتحانهم ليعلم من يريده ويريد ما عنده ممن يريد الدنيا وزينتها.
قال تعالى:﴿وَهُوَالَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا ﴾
وقال:﴿ إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى الْأَرْضِ زِينَةً لَهَا لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْأَحْسَنُ عَمَلًا ﴾
وقال :﴿الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا﴾.
وقال تعالى﴿ وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ ﴾
وقال تعالى : ﴿وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَأَ خْبَارَكُمْ ﴾.
وقال تعالى :﴿ الم (1) أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْيَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ (2) وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْقَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ ﴾.
فالناس إذا أرسل إليهم الرسل بين أمرينإما أن يقول أحدهم : آمنت أو لا يؤمن بل يستمر على السيئات والكفر ولابد من امتحانهذا وهذا
فأما من قال : آمنت فلابد أن يمتحنه الرب ويبتليه ليتبين : هل هو صادق في قوله آمنت أو كاذب فإن كان كاذبا رجع على عقبيه وفر من الإمتحان كما يفر من عذاب الله وإن كان صادقا ثبت على قوله ولم يزده الإبتلاء والإمتحان إلا إيمانا على إيمانه .
قال تعالى : ﴿وَلَمَّارَأَى الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزَابَ قَالُوا هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَمَا زَادَهُمْ إِلَّا إِيمَانًاوَتَسْلِيمًا ﴾.
وأما من لم يؤمن فإنه يمتحن في الآخرة بالعذاب ويفتن به وهي أعظم المحنتين هذا إن سلم من امتحانه بعذاب الدنيا ومصائبها وعقوبتها التي أوقعهاالله بمن لم يتبع رسله وعصاهم فلابد من المحنة في هذه الدار وفي البرزخ وفي القيامةلكل أحد ولكن المؤمن أخف محنة وأسهل بلية فإن الله يدفع عنه بالإيمان ويحمل عنه به ويرزقه من الصبر والثبات والرضى والتسليم ما يهون به عليه محنته وأما الكافر والمنافق والفاجر فتشتد محنته وبليته وتدوم فمحنة المؤمن خفيفة منقطعة ومحنة الكافر والمنافق والفاجر شديدة متصلة فلا بد من حصول الألم والمحنة لكل نفس آمنت أو كفرت لكن المؤمن يحصل له الألم في الدنيا ابتداء ثم تكون له عاقبة الدنيا والآخرة والكافر والمنافق والفاجر تحصل له اللذة والنعيم ابتداء ثم يصير إلى الألم فلا يطمع أحد أن يخلص من المحنةوالألم ألبتة يوضحه).اهـ إغاثة اللهفان - (2 / 191-193).
و قال رحمه الله أيضا :
وقال الإمام ابن القيم رحمه الله :
( أنه لولا هذا الإبتلاء والإمتحان لما ظهر فضل الصبر والرضا والتوكل والجهاد والعفة والشجاعة والحلم والعفو والصفح والله سبحانه يحب أن يكرم أوليائه بهذه الكمالات ويحب ظهورها عليهم ليثني بها عليهم هو وملائكته وينالوا باتصافهم بها غاية الكرامة واللذة والسرور وإن كانت مرة المبادئ فلا أحلى من عواقبها ووجود الملزم بدون لازمه ممتنع, وقد أجرى الله سبحانه حكمته بأن كمال الغايات تابعة لقوة أسبابها وكمالها ونقصانها لنقصانها فمن كمل أسباب النعيم واللذة كملت له غاياتها ومن حرمها حرمها ومن نقصها نقص له من غاياتها وعلىهذا قام الجزاء بالقسط والثواب والعقاب وكفى بهذا العالم شاهداً لذلك فرب الدنياوالآخرة واحد وحكمته مطردة فيهما وله الحمد في الأولى والآخرة وله الحكم وإليه ترجعون يوضحه)اهـ شفاء العليل - (1 / 244).
هذه بعض الدرر من كلام ابن القيم رحمه الله تعالى
و الحاصل أن بالإبتلاء تزيد درجة المؤمن عند الله و ترتفع
و يحصل له الأجر و الثواب إن هو صبر و احتسب
شكرا جزيلا لك أخي على الموضوع
( أعتذر على طول التعليق )
في انتظار جديد مواضيعكم
زادكم الله حرصا
و ثبتنا الله و إياكم على السنة و جعلنا من أهلها
في انتظار جديدكم دائما
دمتم متألقين
في أمان الله
~