هدوء فضيع سكون مريب
لا تسمع فيه حتى همسة طائر جريح
أنصت قليلاً لعلي أسمع نبضات وجدان حزين
سمعت صوتاً فاستبشرت ولكن ياللأسف مجرد
صرصور صغير يغني آملا مجيء رفيق
ثم التفت عساني أرى أنيس من بعيد
بصرت عينين قد توهجتا في الظلام
فاقتربت لأرى من يختبئ خلف الشجيرات
فوجدت ''ماذا وجدت? بوماً شديد السواد
لم أحتمل أكثر فقد أعياني التعب فجلست أتأمل الفضاء
كل ما رأيته كان قمر مضيئاً فتان
فغيرت مسار تأملي فرأيت غمام عاصفة يقترب من المكان
ركضت هاربتاً لا أعلم أين الطريق
فجأة هبت رياح كسرت الأغصان وبعثرت داخلي ذكريات الأزمان
ثم في أعلى الآفاق صرخت امرأة انهكتها الأيام
ومن بين أركان الليل المظلم أنار وجهها الغاضب الأجواء
بعدها نفذ صبر المرأة المشتاقة
فبكت ليهدأ فؤادها الحيران
دموعها روت قلباً ظلمته الأقدار
وأحيت أرضاً أماتتها الأيام والأعوام
بعد أن أفشت أحزانها و آلام فقدانها و حنينها
هدأت نسائم غضبها وبدأت تمسح دموعها شيئا فشيئاً حتى جفت واختفت
ولم يبقى إلا آثارها على أوراق الشجر
حزمت تلك المسكينة حقائبها لتحكي رواية بؤسها في أكوان بعيدة
وتسمع الناس صرخاتها المدوية
وقفت مدهوشة منحنية شاردة
ما أيقظتني من غفلتي إلا قطرة جارية
سقطت من أعلى غصن شجرة ثابت
مشيت مترنحة يمين ويسار من هول الواقعة
كنت سأفترش الأرض ساقطة في أي لحظة
استندت على جذع شجرة قائمة هي الوحيدة التي لم تصب بأذية بالغة
وتأملت السماء لوهلة و عدت بذاكرتي إلى الوراء
إلى حادثة حصلت لي في عمر الزهور
كانت مروعة ومشابهة لهذه العاصفة
أذكر أنني كنت في مكان أشبه بالغابة
كان هادئاً وعادياً مليئاً بالأشجار و الحيوانات
ثم حلت صاعقة هرب على إثرها الحيوانات
وتساقطت أوراق الشجيرات
من شدة الريح لم أستطع فتح عيني
رغم مقاومتي وبذلي كل جهدي وحيلتي
بعد أن هدأت الريح ولم يبقى إلا نسيم لطيف
فتحت عيني آملة أن أرى برك ماء أقفز
فيها مع السناجب وأن أشاهد العصافير تغرد معي وتغني
كل ما كنت أفكر فيه هو ألعاب طفلة بريئة
ولكن كانت الكارثة أنني فتحت عيني
فأبصرت عكس ما كنت متوقعة
رأيت جثث عصافير وأرانب مرمية هنا وهناك
وآثار دمار وخراب وكأن ما مر كان إعصار
دمر ما دمر وقتل من قتل ثم فر هرباً
تجولت مشي في المكان لعلي أرى دليلاً
على من فعل هذا وعث خراب في الأرجاء
فعثرت على شجرة هي الوحيدة الشامخة
صحيح أصبحت جرداء فأغصانها قد تناثرت
في المكان وأوراقها سقطت وبعثرتها الرياح
لم يبقى إلا جذعها كما كان صلب راسي كحجر الصوان
التقفت شوكة من أحد الأغصان المتمايلة جرحتني في يدي ولكن لم يؤلمني
نحت على جذع الشجرة عبارة ||°°°احذروا من سكون ما قبل العاصفة °°°||
والآن أنا مستندة على شجرة تشبه التي كانت راسخة في مخيلتي
هممت أبحث على جذعها فوجدت العبارة نفسها منقوشة ولكن كلمة احذروا
قد محتها السنين ::فكرت في نفسي لبضع ثوانٍ ثم قلت
هل هذه حقاً مصادفة محض
أم أن ما حصل في الماضي
كان مجرد خيال طفلة حالمة
أم أنها حقاً مأساة خالدة

بقلمي """أميرة الإحساس