[[سـلـ °°غـزوة°° سلـ°° بــدر°° ـة]]

[FONT="]قال عبد الرحمن بن عوف: بينما أنا واقف في الصف يوم بدر، فنظرت عن يميني وشمالي،
فإذا أنا بين غلامين من الأنصار حديثة [/FONT][FONT="]أسنانهما، تمنيت لو كنت بين أضلع منهما,
فغمزني أحدهما فقال: يا عم هل تعرف أبا جهل؟ قال: قلت: نعم، وما حاجتك[/FONT][FONT="]إليه يا ابن أخي؟
قال: أُخبرت أنه يسب رسول الله [/FONT][FONT="]صلى الله عليه وسلم[/FONT][FONT="]، والذي نفسي بيده لئن رأيته لا يفارق سوادي
[/FONT][FONT="]سواده حتى يموت الأعجل منا، قال: فتعجبت لذلك، فغمزني الآخر فقال لي مثلها.
[/FONT]

[FONT="]قال: فلم أنشب أن نظرت إلى أبي جهل يجول في الناس فقلت: ألا تريان؟ هذا صاحبكما
الذي تسألان عنه، قال: فابتدراه [/FONT][FONT="]بسيفيهما حتى قتلاه، ثم انصرفا
إلى رسول الله [/FONT][FONT="]صلى الله عليه وسلم[/FONT][FONT="] فأخبراه، فقال: «أيكما قتله؟» فقال كل واحد منهما:
أنا [/FONT][FONT="]قتلته، فقال: «هل مسحتما سيفيكما؟» قالا: لا. فنظر في السيفين فقال: «كلاكما قتله»،
وقضى بسَلَبـِه لمعاذ بن عمرو بن [/FONT][FONT="]الجموح، وكانا معاذ بن عفراء ومعاذ بن عمرو بن الجموح .
وفي حديث أنس قال رسول الله [/FONT][FONT="]صلى الله عليه وسلم[/FONT][FONT="] يوم بدر:
[/FONT][FONT="]من ينظر ما صنع أبو جهل؟» فانطلق ابن مسعود فوجده قد ضرباه (ابنا عفراء حتى برد فأخذ بلحيته فقال:
أنت أبو جهل، [/FONT][FONT="]قال: وهل فوق رجل قتله قومه أو قال: قتلتموه , وفي حديث
عبد الله بن مسعود [/FONT][FONT="]صلى الله عليه وسلم[/FONT][FONT="] قال: أدركت أبا [/FONT][FONT="]جهل يوم بدر صريعا، فقلت:
أي عدو الله قد أخزاك الله؟ قال: وبما أخزاني؟ من رجل قتلتموه، ومعي سيف لي، فجعلت
[/FONT][FONT="]أضربه ولا يحتك فيه شيء، ومعه سيف له جيد، فضربت يده فوقع السيف من يده فأخذته،
ثم كشفت المغفر عن رأسه،[/FONT][FONT="]فضربت عنقه، ثم أتيت النبي [/FONT][FONT="]صلى الله عليه وسلم[/FONT][FONT="] فأخبرته فقال:
«آلله الذي لا إله إلا هو؟» قلت: الله الذي لا إله إلا هو.
[/FONT]
[FONT="]قال: فانطلق فاستثبت فانطلقت وأنا أسعى مثل الطائر، ثم جئت وأنا أسعى مثل الطائر أضحك فأخبرته.
فقال رسول الله [/FONT][FONT="]صلى [/FONT][FONT="]الله عليه وسلم[/FONT][FONT="]: «انطلق» فانطلقت معه فأريته،
فلما وقف عليه [/FONT][FONT="]صلى الله عليه وسلم[/FONT][FONT="] قال: «هذا فرعون هذه الأمة» .

[/FONT][FONT="]كان الدافع من حرص الأنصاريين الشابين على قتل أبي جهل ما سمعاه من أنه كان
يسب رسول الله [/FONT][FONT="]صلى الله عليه وسلم[/FONT][FONT="], [/FONT][FONT="]وهكذا تبلغ محبة شباب الأنصار لرسول الله [/FONT][FONT="]صلى الله عليه وسلم[/FONT][FONT="]
بذل النفس في سبيل الانتقام ممن تعرض له بالأذى.
[/FONT]



[FONT="]وما جرى بين عبد الله بن مسعود رضي الله عنه وأبي جهل وهو في الرمق الأخير من الحوار فيه
عبرة بليغة، فهذا الطاغية الذي [/FONT][FONT="]كان شديد الأذى للمسلمين في مكة قد وقع صريعًا بين أيدي من كان يؤذيهم.
ويشاء الله تعالى أن يكون الذي يقضي على [/FONT][FONT="]آخر رمق من حياته هو أحد المستضعفين،
ولقد كان أبو جهل مستكبرًا جبارًا حتى وهو صريع وفي آخر لحظات حياته.
فقد [/FONT][FONT="]جاء في رواية لابن إسحاق أنه قال لعبد الله بن مسعود لما أراد أن يحتز رأسه:
لقد ارتقيت مرتقى صعبًا يا رويعي الغنم.
[/FONT]

[FONT="]فالله تعالى لم يعجِّل لهذا الخبيث أبي جهل بضربات الأبطال من أشبال الأنصار،
ولكنه أبقاه مصروعًا في حالة من الإدراك والوعي بعد [/FONT]
[FONT="]أن أصابته ضربات أشفت به على الهلاك الأبدي، ليريه بعين بصره ما بلغه من المهانة والذل
والخذلان على يد من كان يستضعفه [/FONT][FONT="]ويؤذيه، ويضطهده بمكة من رجال الرعيل الأول -السابقين
إلى مظلّة الإيمان وطهر العقيدة، والتعبد لله بشرائعه، التي أنزلها رحمة [/FONT][FONT="]للعالمين
- عبد الله بن مسعود رضي الله عنه فيعلو على صدره، ويدوسه بقدميه، ويقبض على لحيته تحقيرًا له،
ويقرّعه تقريعًا يبلغ من[/FONT][FONT="]نفسه مجمع غروره واستكباره في الأرض، ويستل منه سيفه إمعانًا في
البطش به فيقتله به، ويمعن في إغاظته بإخباره أن النصر عقد [/FONT][FONT="]بناصية جند الله وكتيبة الإسلام،
وأن شنار الهزيمة النكراء وعارها، وخزيها وخذلانها قد رزئت به كتائب الغرور الأجوف في حشود [/FONT]
[FONT="]النفير الذي قاده هذا الكفور الخبيث....[/FONT]

[FONT="]قال عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه: كاتبت أمية بن خلف كتابًا بأن يحفظني في صاغيتي
بمكة وأحفظه في صاغيته بالمدينة، [/FONT][FONT="]فلما ذكرت (الرحمن) قال: لا أعرف الرحمن، كاتبني
باسمك الذي كان في الجاهلية، فكاتبته (عبد عمرو).
[/FONT]



[FONT="]فلما كان في يوم بدر خرجت إلى جبل لأحرزه حين نام الناس، فأبصره بلال، فخرج حتى وقف
على مجلس من الأنصار،[/FONT][FONT="]فقال: أمية بن خلف لا نجوت إن نجا أمية، فخرج معه فريق من الأنصار
في آثارنا، فلما خشيت أن يلحقونا خلفت لهم ابنه [/FONT][FONT="]لأشغلهم، فقتلوه ثم أبوا حتى يتبعونا، وكان رجلاً ثقيلاً،
فلما أدركونا قلت له: ابرك، فبرك، فألقيت عليه نفسي لأمنعه، [/FONT][FONT="]فتجللوه بالسيوف من تحتي حتى قتلوه،
وأصاب أحدهم رجلي بسيفه, وكان عبد الرحمن بن عوف يرينا ذلكالأثر في ظهر [/FONT][FONT="]قدمه.
[/FONT]
[FONT="]
[/FONT]

[FONT="]وفي رواية أخرى لعبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه قال: كان أمية بن خلف لي صديقًا بمكة،
وكان اسمي عبد عمرو [/FONT][FONT="]فتسميت حين أسلمت عبد الرحمن، ونحن بمكة، فكان يلقاني إذ نحن بمكة فيقول:
يا عبد عمرو أرغبت عن اسم سماك أبوك؟
[/FONT]
[FONT="]قال: فأقول نعم. قال: فإني لا أعرف الرحمن، فاجعل بيني وبينك شيئًا أدعوك به،
أما أنت فلا تجبني باسمك الأول، وأما أنا فلا [/FONT][FONT="]أدعوك بما لا أعرف. قال: وكان إذا دعاني
يا عبد عمرو لم أجبه، قال: فقلت: يا أبا علي اجعل ما شئت، قال: فأنت عبد [/FONT][FONT="]الإله،
قال:قلت: نعم. قال: فكنت إذا مررت به قال: يا عبد الإله فأجبته فأتحدث معه، حتى إذا كان يوم بدر،
مررت به وهو[/FONT][FONT="]واقف مع ابنه علي، وهو آخذ بيده قال: ومعي أدراع لي قد استلبتها، فأنا أحملها،
فلما رآني قال: يا عبد عمرو فلم أجبه،[/FONT][FONT="]فقال: يا عبد الإله، فقلت: نعم، قال: هل لك فيَّ فأنا خير لك
من هذه الأدراع التي معك؟ قال: قلت: نعم، ها لله؟ قال:
[/FONT][FONT="]فطرحت الأدراع من يدي، وأخذت بيده وبيد ابنه وهو يقول: ما رأيت كاليوم قط، أما لكم حاجة في اللبن؟
ثم خرجت [/FONT][FONT="]أمشي بهما، قال ابن هشام: يريد باللبن أن من أسرني افتديت منه بإبل كثيرة اللبن.
[/FONT]
[FONT="]ونلحظ من الروايات السابقة:[/FONT]

[FONT="]1- ما جرى من بلال رضي الله عنه حينما رأى عدوه اللدود أمية بن خلف الذي كان يسومه أقسى
وأعنف أنواع العذاب في[/FONT][FONT="]مكة، فلما رآه في يد عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه أسيرًا صرخ
بأعلى صوته: لا نجوت إن نجا.
[/FONT]
[FONT="]إنه موقف من مواقف التشفي في أعداء الله، والتشفي من كبار الكفرة الفجار وفي الحياة
الدنيا نعمة يفرج الله بها عن [/FONT][FONT="]المكروبين من المؤمنين الذين ذاقوا الذل والهوان على أيدي أولئك الفجرة
الطغاة, قال تعالى: ( قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللهُ بِأَيْدِيكُمْ [/FONT][FONT="]وَيُخْزِهِمْ وَيَنْصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُّؤْمِنِينَ
وَيُذْهِبْ غَيْظَ قُلُوبِهِمْ وَيَتُوبُ اللهُ عَلَى مَن يَشَاءُ وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ﴾ [/FONT][FONT="][التوبة: 14، 15].

[/FONT]

[FONT="]2- إن فيما جرى لأمية بن خلف من قتل مفزع درسًا بليغًا للطغاة المتجبرين، وعبرة للمعتبرين،
الذين يغترون بقوتهم [/FONT][FONT="]وينخدعون بجاههم ومكانتهم، فيعتدون على الضعفاء، ويسلبونهم حقوقهم،
فمآلهم إلى عاقبة سيئة ووخيمة في الآخرة، وقد [/FONT][FONT="]يمكن الله للضعفاء منهم في الدنيا قبل الآخرة
كما حدث لأمية بن خلف وأضرابه من طغاة الكفر, قال تعالى: ﴿ وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ[/FONT][FONT="] عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الأَرْضِ
وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ ﴾ [القصص: 5].

[/FONT]

[FONT="]3- وفي قول عبد الرحمن بن عوف: «يرحم الله بلالا ذهبت أدراعي وفجعني بأسيريَّ»
مع ما جرى من بلال من معارضة[/FONT][FONT="]وانتزاع الأسيرين من يده بقوة الأنصار الذين استنجد بهم دليل على قوة
الرباط الأخوي بين الصحابة الكرام.
[/FONT]

[FONT="]4- موقف لأم صفوان بنت أمية: قيل لأم صفوان بنت أمية بعد إسلامها، وقد نظرت إلى الحباب
بن المنذر بمكة: هذا الذي [/FONT][FONT="]قطع رجل علي بن أمية يوم بدر، قالت: دعونا من ذكر من قُتل على الشرك،
قد أهان الله عليًا بضربه الحباب بن المنذر، وأكرم [/FONT][FONT="]الله الحباب بضربه عليًا، قد كان على
الإسلام حين خرج من هاهنا، فقتل على غير ذلك، وهذا الموقف يدل على قوة إيمانها، [/FONT][FONT="]ورسوخ يقينها
حيث اتضحت لها عقيدة الولاء والبراء، فأصبحت تحب المسلمين وإن كانوا من غير قبيلتها،
وتكره الكافرين [/FONT][FONT="]وإن كانوا من أبنائها.
[/FONT]
[FONT="]
[/FONT]

[FONT="]وقولها على ابنها علي: «قد كان على الإسلام حين خرج من ههنا فقتل على غير ذلك»
تعني أنه كان ممن عرف عنهم [/FONT][FONT="]الإسلام بمكة وخرجوا مع قومهم يوم بدر مكرهين, فلما التقى
الصفان فتنوا حينما رأوا قلة المسلمين فقالوا: قد غر هؤلاء [/FONT][FONT="]دينهم, فنزل فيهم
قول الله تعالى: ﴿ إِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ غَرَّ هَؤُلاَءِ دِينُهُمْ وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ فَإِنَّ[/FONT]

[FONT="] اللهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ﴾ [الأنفال: 49]. [/FONT]

[FONT="]قال الزبير بن العوام رضي الله عنه: لقيت يوم بدر عبيدة بن سعيد بن العاص وهو مدجج
لا يرى منه إلا عيناه، وهو يكنى أبا [/FONT][FONT="]ذات الكرش، فقال: أنا أبو ذات الكرش، فحملت عليه
بالعنزة فطعنته في عينه فمات، قال هشام، فأُخبرت أن الزبير قال:
[/FONT][FONT="](لقد وضعت رجلي عليه ثم تمطأت فكان الجهد أن نزعتها، وقد انثنى طرفاها).

[/FONT][FONT="]قال عروة: فسأله إياها رسول الله صلى الله عليه وسلم فأعطاه، فلما قُبض رسول الله رضي الله
عنه أخذها، ثم طلبها أبو بكر [/FONT][FONT="]فأعطاها، فلما قبض أبو بكر سأله إياها عمر فأعطاه إياها،
فلما قتل عثمان وقعت عند آل علي، فطلبها عبد الله بن الزبير، [/FONT][FONT="]فكانت عنده حتى قُتل.
[/FONT]
[FONT="](هذا الخبر يصور لنا دقة الزبير بن العوام رضي الله عنه في إصابة الهدف، حيث استطاع أن يضع
الحربة في عين ذلك الرجل مع ضيق ذلك المكان, وكونه قد وزع طاقته بين الهجوم والدفاع،
فلقد كانت إصابة ذلك الرجل بعيدة جدًا لكونه قد حمى جسمه بالحديد الواقي، لكن الزبير استطاع
إصابة إحدى عينيه، فكانت بها نهايته، ولقد كانت الإصابة شديدة العمق مما يدل على قوة الزبير
الجسدية، إضافة إلى دقته ومهارته في إصابة الهدف).[/FONT]

[FONT="]قال ابن إسحاق: وقد خرج الأسود المخزومي، وكان رجلاً شرسًا سيئ الخلق فقال:
أعاهد الله لأشربن من حوضهم، أو [/FONT][FONT="]لأهدمنه، أو لأموتن دونه، فلما خرج، خرج إليه حمزة
بن عبد المطلب، فلما التقيا ضربه حمزة فأطن قدمه بنصف ساقه، وهو [/FONT][FONT="]دون الحوض، فوقع على ظهره
تشخب رجله دمًا نحو أصحابه، ثم حبا إلى الحوض حتى اقتحم فيه، يريد أن يبر يمينه, وأتبعه
[/FONT]
[FONT="]حمزة فضربه حتى قتله في الحوض.
[/FONT]
[FONT="]
[/FONT]

[FONT="]وقد سأل أمية بن خلف عبد الرحمن بن عوف عن الرجل المعلم بريشة نعامة في صدره؟
فأجابه عبد الرحمن: ذاك حمزة بن عبد [/FONT][FONT="]المطلب، قال أمية: ذاك الذي فعل بنا الأفاعيل: وهذه شهادة
من أحد زعماء الكفر، وهذا يعني أنه رضي الله عنه قد أثخن في [/FONT][FONT="]جيش الأعداء قتلاً وتشريدًا.
[/FONT]

[FONT="]وكان هذا أول من قتل من المشركين بيد أسد الله تعالى حمزة بن عبد المطلب رضي الله عنه,
فقد جاء هذا اللئيم الشرس يتحدى [/FONT][FONT="]المسلمين، فتصدى له بطل الإسلام حمزة، فقضى عليه ولقن
أمثاله من الحاقدين المتكبرين درسًا في الصميم. [/FONT]

[FONT="]ثبت من نصوص القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة، ومرويات عدد من الصحابة البدريين؛
أن الله تعالى ألقى في قلوب [/FONT][FONT="]الذين كفروا الرعب, قال تعالى: ﴿ إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إلى الْمَلائِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُوا الَّذِينَ
آمَنُوا سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا [/FONT][FONT="]الرُّعْبَ فَاضْرِبُوا فَوْقَ الأعْنَاقِ وَاضْرِبُوا مِنْهُمْ كُلَّ بَنَانٍ ﴾ [الأنفال: 12].
[/FONT][FONT="]وقال تعالى: ( وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللهُ بِبَدْرٍ وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ فَاتَّقُوا اللهَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ إِذْ تَقُولُ لِلْمُؤْمِنِينَ أَلَنْ يَكْفِيَكُمْ
أَن يُمِدَّكُمْ رَبُّكُمْ [/FONT][FONT="]بِثَلاَثَةِ آلاَفٍ مِّنَ الْمَلاَئِكَةِ مُنزَلِينَ بَلَى إِن تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا وَيَأْتُوكُم مِّن فَوْرِهِمْ هَذَا يُمْدِدْكُمْ
رَبُّكُمْ بِخَمْسَةِ آلاَفٍ مِّنَ الْمَلاَئِكَةِ [/FONT][FONT="]مُسَوِّمِينَ وَمَا جَعَلَهُ اللهُ إِلاَّ بُشْرَى لَكُمْ وَلِتَطْمَئِنَّ قُلُوبُكُمْ بِهِ وَمَا النَّصْرُ
إِلاَّ مِنْ عِنْدِ اللهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ ﴾.[/FONT]
[FONT="]
[/FONT]

[FONT="]وأورد البخاري ومسلم وأحمد بن حنبل وغيرهم عددًا من الأحاديث الصحيحة التي تشير
إلى مشاركة الملائكة في معركة بدر، [/FONT][FONT="]وقيامهم بضرب المشركين وقتلهم .[/FONT]

[FONT="]فعن ابن عباس رضي الله عنه قال: (بينما رجل من المسلمين يومئذ يشتد في إثر رجل
من المشركين أمامه، إذ سمع ضربة [/FONT][FONT="]بالسوط فوقه، وصوت الفارس يقول: أقدم حيزوم.

فنظر إلى المشرك أمامه فخر مستلقيًا فنظر إليه فإذا هو خُطِم أنفه، وشُقَّ [/FONT][FONT="]وجهه كضربة السوط
فاخضر ذلك أجمع، فجاء الأنصاري فحدث بذلك رسول الله فقال: «صدقت, ذلك مدد من السماء
[/FONT][FONT="]الثالثة» ومن حديث ابن عباس رضي الله عنهما أيضا قال: إن النبي صلى الله عليه وسلم قال
يوم بدر: «هذا جبريل آخذ [/FONT][FONT="]برأس فرسه عليه أداة الحرب». ومن حديث علي بن أبي طالب رضي الله عنه
قال: (فجاء رجل من الأنصار قصير بالعباس بن [/FONT][FONT="]عبد المطلب أسيرًا، فقال العباس: يا رسول الله
إن هذا والله ما أسرني, لقد أسرني رجل أجلح من أحسن الناس وجهًا على [/FONT][FONT="]فرس أبلق ما أراه في القوم،
فقال الأنصاري: أنا أسرته يا رسول الله، فقال «اسكت فقد أيدك الله بملك كريم».[/FONT]

[FONT="] ومن حديث أبي داود المازني قال: (إني لأتبع رجلا من المشركين لأضربه إذ وقع رأسه قبل أن يصل
إليه سيفي فعرفت أنه قتله[/FONT][FONT="]غيري).
[/FONT]
[FONT="]إن إمداد الله تعالى للمؤمنين بالملائكة أمر قطعي ثابت لا شك فيه، وأن الحكمة من هذا
الإمداد تحصيل ما يكون سببًا لانتصار [/FONT][FONT="]المسلمين، وهذا ما حصل بنزول الملائكة، فقد قاموا
بكل ما يمكن أن يكون سببا لنصر المسلمين: من بشارتهم بالنصر، ومن [/FONT][FONT="]تثبيتهم بما ألقوه في قلوبهم
من بواعث الأمل في نصرهم، والنشاط في قتالهم، وبما أظهروه لهم من أنهم معانون من الله تعالى، [/FONT]
[FONT="]وأيضا بما قام به بعضهم من الاشتراك الفعلي في القتال، ولا شك أن هذا الاشتراك الفعلي في القتال قوى قلوبهم
وثبتهم في [/FONT][FONT="]القتال، وهذا ما دلت عليه الآيات وصرحت به الأحاديث النبوية.
[/FONT]
[FONT="]وقد يسأل سائل: ما الحكمة في إمداد المسلمين بالملائكة مع أن واحدًا من الملائكة
كجبريل عليه السلام قادر بتوفيق الله على[/FONT][FONT="]إبادة الكفار؟
[/FONT]
[FONT="]وقد أجاب الأستاذ عبد الكريم زيدان على ذلك فقال: لقد مضت سنة الله بتدافع الحق وأهله مع
الباطل وأهله، وأن الغلبة [/FONT][FONT="]تكون وفقًا لسنن الله في الغلبة والانتصار، وأن هذا التدافع يقع في الأصل بين
أهل الجانبين: الحق والباطل، ومن ثمرات [/FONT][FONT="]التمسك بالحق والقيام بمتطلباته أن يحصلوا على عون وتأييد
من الله تعالى، بأشكال وأنواع متعددة من التأييد والعون، ولكن [/FONT][FONT="]تبقى المدافعة والتدافع يجريان
وفقًا لسنن الله فيهما، وفي نتيجة هذا التدافع فالجهة الأقوى بكل معاني القول اللازمة للغلبة
هي [/FONT][FONT="]التي تغلب، فالإمداد بالملائكة هو بعض ثمرات إيمان تلك العصبة المجاهدة، ذلك الإمداد الذي تحقق
به ما يستلزم الغلبة على [/FONT][FONT="]العدو، ولكن بقيت الغلبة موقوفة على ما قدمه أولئك المؤمنون في قتال
ومباشرة لأعمال القتال، وتعرضهم للقتل، [/FONT][FONT="]وصمودهم وثباتهم في الحرب، واستدامة توكلهم على الله،
واعتمادهم عليه، وثقتهم به، وهذه معانٍ جعلها الله حسب سننه [/FONT][FONT="]في الحياة أسبابًا للغلبة والنصر،
مع الأسباب الأخرى المادية، مثل العُدة والعدد والاستعداد للحرب وتعلم فنونه... إلخ. ولهذا
[/FONT][FONT="]فإن الإسلام يدعو المسلمين إلى أن يباشروا بأنفسهم إزهاق الباطل وقتال المبطلين،
وأن يهيئوا الأسباب المادية والإيمانية للغلبة [/FONT][FONT="]والانتصار، وبأيديهم إن شاء الله تعالى ينال المبطلون
ما يستحقونه من العقاب, قال تعالى: ﴿ قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللهُ [/FONT][FONT="]بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنْصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ
صُدُورَ قَوْمٍ مُّؤْمِنِينَ وَيُذْهِبْ غَيْظَ قُلُوبِهِمْ وَيَتُوبُ اللهُ عَلَى مَن يَشَاءُ وَاللهُ عَلِيمٌ [/FONT][FONT="]حَكِيمٌ ﴾ [التوبة: 14، 15].
[/FONT][FONT="]
إن نزول الملائكة عليهم السلام من السماوات العلى إلى الأرض لنصر المؤمنين حدث عظيم.
[/FONT][FONT="]إنه قوة عظمى، وثبات راسخ للمؤمنين حينما يوقنون بأنهم ليسوا وحدهم في الميدان، وأنهم إذا
حققوا أسباب النصر واجتنبوا [/FONT][FONT="]موانعه, فإنهم أهل لمدد السماء، وهذا الشعور يعطيهم جرأة في
مقابلة الأعداء، وإن كان ذلك على سبيل المغامرة، لبعد [/FONT][FONT="]التكافؤ المادي بين جيش الكفار الكبير
عددًا القوي إعدادًا وجيش المؤمنين القليل عددًا الضعيف إعدادًا.[/FONT]

[FONT="]وهو في نفس الوقت عامل قوي في تحطيم معنوية الكفار وزعزعة يقينهم، وذلك حينما يشيع
في صفوفهم احتمال تكرار نزول [/FONT][FONT="]الملائكة الذين شاهدهم بعضهم عيانًا، إنهم مهما قدروا قوة
المسلمين وعددهم فإنه سيبقى في وجدانهم رعب مزلزل من احتمال [/FONT][FONT="]مشاركة قوى غير منظورة
لا يعلمون عددها ولا يقدرون مدى قوتها، وقد رافق هذا الشعور المؤمنين في كل حروبهم التي خاضها
[/FONT][FONT="]الصحابة رضي الله عنهم في العهد النبوي، وفي عهد الخلفاء الراشدين, كما رافق بعض المؤمنين
بعد ذلك فكان عاملاً قويًا في[/FONT][FONT="]انتصاراتهم المتكررة الحاسمة مع أعدائهم[/FONT]

[FONT="]سلسلة غزوات النبي المصطفى دروس وعبر[/FONT]

مراجع هذا الكتاب

[FONT="]1-التاريخ الإسلامي مواقف وعبر، د. عبد العزيز الحميدي، دار الدعوة، الإسكندرية.[/FONT]
[FONT="]2- السيرة النبوية دروس وعبر، د. مصطفى السباعي، المكتب الإسلامي، بيروت، لبنان، الطبعة[/FONT]
[FONT="] التاسعة، 1406هـ - 1986م. [/FONT]
[FONT="]3- السيرة النبوية، لأبي محمد بن عبد الملك بن هشام، دار الفكر.[/FONT]
[FONT="]4- السيرة النبوية عرض حقائق وتحليل أحداث ,د.على محمد الصلابي الطبعة الأولى.[/FONT]
[FONT="]5- السيرة النبوية الصحيحة، د. أكرم العمري، الطبعة الأولى 1412هـ/ 1992م، مكتبة العلوم[/FONT]
[FONT="] والحكم بالمدينة المنورة.[/FONT]
[FONT="]6-السيرة النبوية في ضوء المصادر الأصيلة:الدكتور مهدي رزق الله أحمد ط1-1412ه مكتبة [/FONT]
[FONT="]الملك فيصل. [/FONT]
[FONT="]7- السيرة النبوية مواقف وعبر :الدكتور عبد العزيز بن عبد الله الحميدي ط2 دار الدعوة .[/FONT]
[FONT="] 8-القيادة العسكرية في عهد الرسول [/FONT] [FONT="][FONT="]r[/FONT][/FONT][FONT="]، دار القلم، الطبعة الأولى، 1410هـ- 1990م.[/FONT]
[FONT="]9- تفسير القرطبي، لأبي عبد الله القرطبي، دار إحياء التراث العربي، بيروت، لبنان، 1965م.[/FONT]
[FONT="]10- سير أعلام النبلاء: شمس الدين الذهبي، مؤسسة الرسالة، الطبعة الأولى، 1403هـ. [/FONT]
[FONT="]11- صور وعبر من الجهاد النبوي في المدينة، تأليف: د. محمد فوزي فيض الله، دار القلم، [/FONT]
[FONT="]دمشق، الدار الشامية، بيروت، الطبعة الأولى، 1419هـ- 1996م. [/FONT]
[FONT="]12- صحيح السيرة النبوية، إبراهيم العلي، دار النفائس، الطبعة الثالثة، 1408هـ -1998م. [/FONT]
[FONT="]13- صحيح البخاري، محمد إسماعيل البخاري، دار الفكر، الطبعة الأولى، 1411هـ - 1991م. [/FONT]
[FONT="]14- على خطى الحبيب :عمرو خالد [/FONT]
[FONT="]17- فقه السيرة النبوية :الدكتور محمد سعيد رمضان البوطي ط11 1991م[/FONT]
[FONT="]18- من معين السيرة، صالح أحمد الشامي، المكتب الإسلامي، الطبعة الثانية، 1413هـ- 1992م. [/FONT]
[FONT="]19- فقه السيرة النبوية، منير الغضبان، معهد البحوث العلمية وإحياء التراث مكة المكرمة. [/FONT]
[FONT="]20- شرح النووي على صحيح مسلم للإمام النووي المتوفى 676هـ - طبع المطبعة المصرية [/FONT]
[FONT="]ومكتبتها – القاهرة عام 1347هـ. [/FONT]
[FONT="] 21-البداية والنهاية، أبو الفداء ابن كثير الدمشقي. دار الريان للتراث. [/FONT]
[FONT="] 22- غزوة بدر الكبرى الحاسمة، محمود خطاب.[/FONT]
[FONT="] 23-غزوة بدر الكبرى، محمد أبو فارس، دار الفرقان، الطبعة الأولى، 1402هـ- 1982م. [/FONT]
[FONT="] 24- غزوة بدر الكبرى، محمد أحمد باشميل، طبعة دار الفكر، الطبعة السادسة، سنة 1394هـ[/FONT]
[FONT="] 25-فتح الباري، ابن حجر العسقلاني، دار المعرفة، بيروت، لبنان. [/FONT]
[FONT="] 26- الدر المنثور في التفسير بالمأثور، الإمام السيوطي، الناشر محمد أمين دمج، بيروت، لبنان. [/FONT]
[FONT="]27-زاد المعاد في هدي خير العباد، أبو عبد الله ابن القيم حققه: شعيب الأرناؤوط وعبد القادر، [/FONT]
[FONT="]الطبعة الأولى، 1399هـ، دار الرسالة. [/FONT]
[FONT="]28-السيرة النبوية في ضوء القرآن والسنة، محمد أبو شهبة، دار القلم، دمشق، الطبعة الثالثة، [/FONT]
[FONT="]1417هـ - 1996م. [/FONT]
[FONT="]29- في ظلال القرآن، سيد قطب، دار الشروق، الطبعة التاسعة، 1400هـ- 1980م. [/FONT]
[FONT="]30-المستفاد من قصص القرآن للدعوة والدعاة، عبد الكريم زيدان، مؤسسة الرسالة، الطبعة [/FONT]
[FONT="]الأولى، 1418هـ- 1997م. [/FONT]
[FONT="]31- طبقات ابن سعد الكبرى، محمد بن سعد الزهري، دار صادر، ودار بيروت للطباعة والنشر، [/FONT]
[FONT="]1376هـ- 1957م. [/FONT]
[FONT="]32- المغازي للواقدي، محمد عمر بن واقد المتوفي 207هـ، تحقيق د. مارسدن جونس، عالم [/FONT]
[FONT="]الكتب، بيروت، الطبعة الثالثة، 1404هـ- 1984م[/FONT]
[FONT="]33- القيادة العسكرية في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم، دار القلم، الطبعة الأولى، 1410هـ-[/FONT]
[FONT="] 1990م.[/FONT]
[FONT="]34- إمتاع الأسماع بما للرسول من الأبناء والأموال والحفدة والمتاع، للشيخ أحمد المقريزي،[/FONT]
صححه وشرحه محمود محمد شاكر، مطبعة لجنة التأليف والترجمة بالقاهرة 1941م.

فهذا غيض من فيض ودرس من مدرسة بدر الكبرى التي يجب على المسلمين أن يقفوا أمامها
وقفة إجلال وتقدير، لينظروا من خلالها إلى المعاييرالإيمانية في مواجهة الحق مع الباطل، وكيف
أن الفئة المؤمنة القليلة العدد والعتاد،والمستضعفة في الأرض كيف أنها حين أخلصت لربها،
وتجردت لعقيدتها، وانخلعت منالأهواء والشهوات، فإن الله- عز وجل- أعزَّها، وسخَّر لها جنود
السموات والأرض،فتحقق لها النصر الذي وعد الله به عباده في محكم التنزيل: ﴿وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا
لِعِبَادِنَاالْمُرْسَلِينَ إِنَّهُمْ لَهُمْ الْمَنصُورُونَ وَإِنَّ جُندَنَا لَهُم الْغَالِبُونَ ﴾[الصافات:173-171]

اللهم انصر دينك وكتابك وسنة نبيك يارب العالمين ,واكتب لنا الشهادة في سبيلك بعد طول عمر
وحسن عمل ,إنك ولي ذلك والقادر عليه .

هذا وصلى اللهم على نبينا محمد وعلى آبه وصحبه وسلم .

---

التعديل الأخير تم بواسطة Tansan ; 08-06-2012 الساعة 06:32 AM