لؤلؤة حبي الضائعة

لماذا قسوتِ علي يا حاضنة قلبي الرضيع؟
لماذا سرقتِ حرية الإبداع من دُرج خيالي الرحب؟
سؤالان محيران، يضربان بشدة حائط أفكاري الصامد، ليعرفا خبايا حيرتي هذه، رغم أني أذكر قبل ضياعك مني، قلت لك بصوتٍ مهزومة أوتار نبرته الشجية:"أنت طليقة أحلامك، رفيقة أسرار حبك الآخر...". لقد جعلتِ قلمي عبداً لك، تجلدينه بسوط الماضي الموجع، تأمرينه أن يملأ دواته حباً ليسكبها فوق صفحة هذه الصحيفة لأجلك أنت، متوسلاً إليك أن ترحميه من عناء الكتابة عن حب غدا أشلاءً.
فيا ليتك ترحمينه من هذا العذاب! ألم يحن الوقت بعد... ألم؟!
لقد جعلتِني أسجد لجمالك غير المنصف بحقي، إذ كنت أرى فيه لؤلؤة تنير عتمة آمالي، تثير متعة إلهامي، ترافق ليل أحلامي كالنجم، وأنا أحاول البقاء في دائرة هالة ضوئها، الذي بادلني الإعجاب بك، حتى جعلت رعشات قلبي تتبعها أينما كانت، سواء تتنقل بحرية كالفراشة بين عقلي وقلبي، متغلغلة ومتمرغةً بين أغطية أوراقي، كطفلٍ رضيع بين أحضان أمه، أو مختبئةً بين أكناف أزهار كلماتي، تاركةً بكل جسارةٍ آثار جمالك فوق قطرات حروفي الندية والثائرة بعواطفها على لؤلؤة حبي الضائعة مني.
دون إدراكٍ مني، هممت أن أضع سلسلة ذكرياتي الجميلة معك حول عنقي، ورحت أقول في سر ذاتي:"لربما يلمحك أحد رفاق حبي فيهديني إليك..." يا لسذاجة تفكيري!! كيف يهديني إليك وأنت حلقة الوصل بباقي حلقات سلسلة ذكرياتي البرّاقة، الخالية منك. فوجود طيفك، ســوف يزيـن جميع حلقاتها، التي قد تتبعثر يوماً ما فوق أرض النسيان الصلبة من جفاء الزمن، الذي لن يرحمها ساعة سقوطها، فتتحطم لهشاشة هذا الحب الزجاجي، الساطع بفضل أشعة الشمس المعتقدة بأنها تستطيع تعويضي عن فقدانك، أنت التي لا فضل للشمـس في إشعاعك الذي يسطع بدونها، مزدلفاً نوره نحو عتمة ليل حبي ليملأه بنور الأمل.
بحثت عنك عند الصاغة الملمين بأنواع الذهب والماس المصقول بأيديهم المتمرسة، فلم أجدك عندهم، لأنك لؤلؤة فريدة بنوعك، فيك بريق الحنان، نقاوة الإخلاص ونصاعة الوفاء، لكن... أين أنت بحق السماء؟! لست أدري! فكل ما أدريه، أنني عندما التقيت بك في الماضي، كنت تتوهجين دلالاً وشقاوة العشرين تلوح في سحنتك، أهديتك يومئذ جوهرة حياتي الغالية علي، التي تركتِها وحدها... رفضتِ التمسك بحبال أشعتها لتنشلك من الضياع، في جوف بحار الأيام المنسية، التي أغرقَتني في أعماقها، محاولاً العثور عليكِ...
... ربما أجدكِ يوماً راكعةً نادمةً، مصليةً من أجلي داخل معبد قلبي المتنسك عن الحب لأجلك أنتِ!